IMLebanon

نقد ذاتي لـ«ثوار الأرز»: خذلنا جمهورنا بخوائنا

أكثر من نقد ذاتي تجريه قيادات نشطت منذ العام 2005 في إطار ما سُمي في حينه «ثورة الارز». والنتيجة التي تفصح عنها على مضض جاءت سلبية، لأن أياً من أهداف هذا الحراك لم يتحقق، لا بل ذهبت الامور إلى الانفلات من عقالها ليكون البديلُ خواءً سياسيا وتطرفا لم يعهدهما لبنان قبلاً.

يتحدث أحد منظري «14 آذار» بمرارة، من دون أن يتوانى عن اعتبارها «لم تعد موجودة لا بالاهداف ولا بالوقائع، لأن الفرقاء الذين اتحدوا عملياً في 14 آذار 2005 ذهب كلّ منهم في اجتهاده الخاص وعمل على صوغ واقعه المستقل، راسماً إطاراً من النفوذ في المواقع السياسية والوظيفية، مما أسقط الاندماج الذي أردناه تلقائياً على قاعدة أن من يصل الى المبتغى من هذا الفريق، فكأنما وصل الجميع».

أما التفريط الأول، والذي لا تفسير مقنعاً له، بحسب أحد منظّري «14 آذار»، هو «التضحية بالمكون الرئيسي في هذا الحراك، التيار الوطني الحر، خشية من خسارة مكون آخر؛ بينما الحقيقة هي أنه لو قدّر لنا الحفاظ على العماد ميشال عون بحجمه غير المنقوص سياسياً وتمثيلياً، لكان الذي نخشى خسارته استمر في عملية تموضعه ضمن إطارنا ولو بتمايز معين».

لا يتأخر المصدر نفسه في الحكم على «تجربة تلاشت معها أحلام الناس وفرّخت حالات مسلحة كانت من صناعة أيدي البعض في فريق 14 آذار». ويسأل: «من قال لهؤلاء إن الذي صنعوه لن يستخدم ضدهم لاحقاً، وهو استخدم بالفعل؟ وإن كل ما انتهجوه من سلوك وعمل فعلي منذ ما سمي بالثورة السورية يستخدم ضدهم الآن وبالاحرى انقلب عليهم؟» ويضيف: «من يستخدم الزعران بامكانه استخدامهم لمرة أو مرتين ولاحقا يتحولون عبئاً حتمياً على من استخدمهم».

«لقد رجعنا الى حلف المستفيدين»، يتحسّر المصدر، مشيراً إلى أنه «إذا اتفق المستفيدون يفعلون ما يريدون، حتى بإمكانهم الإتيان برئيس للجمهورية من صنفهم، ولكن ما يمنعهم هو حزب الله الذي يشكل عائقاً أمامهم». يقول المصدر لمن يزوره من شخصيات «14 آذار»: توقفوا عن تحبيب الناس بـ «حزب الله» جراء ممارساتكم وممارسات من يتناغمون معكم في الفريق الآخر.

برغم اعتراض المصدر على انخراط الحزب في الازمة السورية «وهذا الاعتراض من موقع لبناني وليس من موقع عروبي، بعد الجنون الدموي من قبل المسلحين الذي لا يتحمله عاقل»، غير أنه يعود ويجزم أن «إجرام وخطر داعش والنصرة والتعقيدات الداخلية من سوكلين الى الفساد الهائل الى كل الموبقات في البلد، جاءت لتؤكد للناس أنه حسناً فعل حزب الله بالمحافظة على وجوده وقوته». يعود المصدر إلى الموضوع الأساس، سائلاً: «ماذا قدمنا للجمهور الذي وثق بنا؟»، ليجيب بنفسه: «بالتأكيد لا شيء على الاطلاق، إنما دفعنا به خطوات الى الوراء صوب افكار غريبة عن نسيجنا الوطني».

هناك كثيرون يتعاطون مع الشعب «وكأنه غبي»، يرى المصدر ان «هذا الاعتقاد هو الغبي رغم عدم القدرة على معالجة انسياق هذا الشعب لانتاج ذات الطبقة السياسية، لكن هذا الشعب ذكي ويميز بين السيء والجيد ومن يراقب وسائل التواصل الاجتماعي وما ينشر عبرها من آراء يتثبّت من ذلك بتلقائية، وانا اراهن على القادم من الايام والاشهر والسنين، لان التجار في بلدنا صاروا اشطر من السياسيين، التاجر يستفيد ويفيد، بينما السياسي يفعل العكس وصولا الى تشليح المواطن ما في جيبه من شيء قليل».

«لا مناص من اطار مختلف يحاكي بالقول والفعل تطلعات الناس، لان الامور اذا استمرت على هذا المنوال من الاستباحة لكل شيء، فاننا واصلون حتما الى انفجار كبير يفترض بالعقلاء والقوى الفاعلة ان تشكل الحاضنة القادرة على تحويله الى خير للبلد لا مزيدا من الدمار»، يختم المصدر.