IMLebanon

عدو نفسه!

حجم الضخّ التعبوي والتضليلي النازل مدراراً على عرسال و»قضيتها» من قبل «حزب الله» وملحقاته، يدل بوضوح على نيّة شرّيرة بافتعال مشكلة استثنائية أكبر من حيزها الجغرافي المعلن.

والأمر في جملته وتفاصيله غير مفهوم تماماً. وباعتبار أن تأثيراته الحتمية المفترضة على «أصحاب القضية»، أي على «حزب الله» ومحوره، فيها من السلبيات أكثر من الإيجابيات.. هذا إذا صحّ افتراض وجود أي شيء إيجابي في إشعال مواجهة في البقاع الشمالي لا يعرف أحد، (بمن فيهم حزب الله) الى أين يمكن أن توصل.

سهل الافتراض بأن المحور الإيراني الأسدي مزنوق ميدانياً الى حد بدئه في التسويق المسبق لخسائره وتراجعاته المرتقبة، والى حد دخوله على المكشوف في لعبة تبادل الخدمات مع «داعش» ثم رمي خبريات تحمل وعوداً زلزالية يشيب لوقعها شعر الولدان.. وسهل بعد ذلك وضع معركة القلمون في سياق تلك الحركات الاستباقية لتطورات الداخل السوري واستعجال «حزب الله» لـ»تأمين» خطوطه في البقاع الشمالي وهي التي تشكل الآن وستشكل أكثر فأكثر الشريان الوحيد الذي يربط سلطة الأسد وأماكن انتشارها الجغرافي بالخارج، عدا عن الحاجة الماسّة لتأمين الخط الواصل على دمشق نفسها..

لكن ما ليس سهلاً هو فهم مدى تأثير عرسال على «النتيجة الأخيرة» لحرب إنقاذ الأسد، أو محاولة إنقاذه؟ طالما أن ذلك معطى تتداخل فيه خرائط المواجهات الميدانية الممتدة على مساحة سوريا، بخرائط المواجهات السياسية الاستراتيجية المفتوحة، من النووي الايراني، إلى اليمن والعراق، الى الحسابات الإقليمية والدولية شديدة التعقيد.. وطالما أن حلفاءه قبل خصومه، وصلوا الى «قناعة» أخيرة باستحالة بقائه أو استقراره في منصبه أو في مكانه على حدّ سواء؟!

كيف يحسب «حزب الله» هذه الحتمية؟ وكيف يضع عرسال في جغرافيا سياسية أكبر بكثير من واقعها؟ وكيف يستسهل فتح اشتباك فتنوي لن تبقى تداعياته في مكانها؟ وكيف له أن «يراهن» على تقبّل منطقِه الأعوج والتسليم له بإخضاع عرسال وأهلها أو بافتراض «المعركة» فيها شبيهة بمعركة عبرا في صيدا؟! وكيف له أن يذهب في «الرهان» الى حدود اللعب بالشارع والعصبية المذهبية وبتلك الخفّة المخيفة؟ وكيف له أن يفترض، ان الاحتقان الموجود في لبنان، المذهبي أولاً وأساساً ثم السياسي، ومنذ عشر سنوات وقبل الثورة السورية وطراطيشها، بل وقبل بدء سرديات «الحشد الشعبي»، و»داعش» في العراق.. كيف له أن يفترض أن الواقع اللبناني (المذهبي!!) لا يزال قادراً على تحمل تلك الرهانات القاتلة؟! أو أنه لا يزال قابلاً للأخذ بفرضية تغليب «السلم الأهلي» على غيره.. غيره هذا الذي فيه صلف وتجبّر وازدواجية سلاح وتخوين ومحكمة دولية ومطلوبين واغتيالات و7 أيار و11 أيار وتعطيل وتهجير سياسي.. الخ!

كيف يحسبها «حزب الله»؟ وكيف له أن يفترض أن عرسال تحقق له ما عجز عن تحقيقه في القصير أو يبرود أو تلال القلمون ذاتها؟. وكيف له أن يستمر في مراكمة الأعداء الى حد أن يكون هو نفسه، أكبر وأخطر عدو لنفسه؟!