من المؤكد استمرار وجود ازمة في لبنان من جراء الوضع الاقليمي بسبب دور «حزب الله» الا ان الابواب ليست مقفلة امام الحلول على المستوى اللبناني، بالتزامن مع الجهود المتداولة على المستوى الدولي والاتصالات التي تجري دولياً مع كل من الدول الخليجية وايران وتركيا وروسيا، وفقاً لمصادر ديبلوماسية واسعة الاطلاع.
وتفيد هذه المصادر، انه بعد كلام الرئيس سعد الحريري، باتت الكرة الآن في ملعب الافرقاء الآخرين المعنيين بالتسوية.
وبالتالي، ان الحفاظ على التسوية يحتاج الى مفاوضات جديدة، والى تفاهمات حول الشروط التي تثبتها من جهة، والتي تجعل الحريري يعود عن استقالته من جهة ثانية. وشروط التسوية بدأت تُستجمع من خلال التحركات اللبنانية مع الرياض، وتحركات الدول تجاه كل من الرياض وطهران. وتكشف المصادر، ان المقصود بالنأي بالنفس هو النأي عن كل تطورات المنطقة، وليس فقط الوضع السوري. ففي الموضوع السوري، تكاد تكون الامور انتهت، بفعل الاتفاقات الاميركية – الروسية، والتي تنعكس «ستاتيكو» على الوضع السوري، لا سيما مع اقتراب مرحلة سقوط «داعش» بالكامل في المناطق السورية التي كان يحتلها. دور الحزب في سوريا لم يحظَ برضى الاطراف في الداخل، ولا الدول العربية. لكن التركيز الآن على دور الحزب في اليمن وضرورة ان ينأى كل لبنان بنفسه عن الموضوع اليمني. اذ بعد سقوط صاروخ على الرياض، والاستهداف الامني الذي تشعر به المملكة من جراء التدخل في اليمن، يجب على لبنان ان يبقى بكل مكوناته بعيداً عن هذا الصراع. وبالتالي، يُفترض بـ «حزب الله» ان ينشط في المفاوضات والحوار المرتقب حول اعادة تثبيت التسوية من اجل النأي الفعلي بالنفس، ولن يكون لديه حل آخر لا سيما في ضوء استقرار الوضع السوري. لذا ان التسوية السياسية التي تم بموجبها انتخاب الرئيس ميشال عون، وتشكيل حكومة برئاسة الحريري والتوافق حول قانون جديد للانتخابات النيابية، لا تزال قائمة، انما تتحول الاستقالة الى دستورية وفعلية، ويقتضي الامر تفاهمات جديدة تترجم فعلياً سياسة النأي بالنفس عن الموضوع اليمني تحديداً.
ويبدو، بحسب المصادر، ان كل الافرقاء، الداخليين متحمسون لإبقاء الستاتيكو اللبناني قائماً ضمن التفاهمات حول النأي بالنفس مجدداً. وليس لدى لبنان خيار آخر غير النأي بالنفس، وهو الموقف الذي سيجسّده في الاجتماع الاستثنائي لوزراء الخارجية العرب الذي ينعقد بعد غدٍ الاحد في القاهرة. فاذا جرى التفاهم مجدداً حول التسوية، يتم التراجع عن الاستقالة، ولن تحصل مشاورات. واذا لم يتم التراجع ستبدأ المشاورات لتشكيل حكومة جديدة.
وهناك خياران لدى «حزب الله» اما الاستمرار في التصعيد حيال العرب والمملكة والذهاب بالبلد الى ازمة اكبر، واما العودة الى التسوية. لأن المواجهة الاقليمية اذا ما حصلت ستحصل في لبنان هذه المرة. ففي العراق انتهت الامور، وفي اليمن الوضع مأزوم في الاساس، وفي سوريا كأنها انتهت. يبقى الوضع اللبناني الذي يشهد تصعيداً. لكن حتى الآن لا يوجد قرار دولي بالسماح بزعزعة استقراره. وكل بيانات الدول الكبرى ركزت على هذه المسألة وعلى وجود الحريري شريكاً اساسياً. والتصعيد حتماً سيأخذ البلد الى ازمة على الرغم من البيانات الدولية لان الخليج ومن ورائه الدول الكبرى الداعمة لن يقفوا مكتوفي الايدي حيال استمرار التدخلات الايرانية في الشؤون العربية.
وتفيد المصادر، ان الوضع اللبناني حالياً يمكن اعتباره مأزوماً من دون تصعيد. ويبقى الخوف من الوصول الى التصعيد اذا لم يبادر الافرقاء الذين يجب ان تكون الكرة في ملعبهم الآن، الى الحفاظ على الاستقرار ومقتضياته. بالنسبة الى الاردن هناك قرار دولي اقليمي بأن لا يتم التلاعب باستقراره.
لبنان حتى الآن لا يفترض ان يهتز استقراره. امن المملكة الآن تحت المجهر نتيجة انخراط الحزب في التدريب والاستشارات العسكرية في اليمن، فضلاً عن التنسيق مع ايران وصولاً الى اطلاق الصواريخ. وفي ظل الجو الاميركي السائد حيال ايران والحزب، لن يكون ممكناً استمرار هذه الحالة على ما هي عليه.