لا تنظر مصادر نيابية مسيحية بارتياح إلى المشهد السياسي الناشئ بفعل الإنقلاب في التحالفات والتكتّـلات، خصوصاً على مستوى مكوّنات الحكومة الأساسية، وبشكل خاص صورة التوتر المتنامي بين جمهورية «القوات» و«التيار الوطني الحر»، وذلك على الرغم من تأكيد قيادة «التيار» على عدم العودة إلى مرحلة ما قبل المصالحة المسيحية ـ المسيحية، مقابل إصرار من قبل «القوات» على حماية تفاهم معراب مهما بلغت التضحيات. وتكشف هذه المصادر، عن عملية مراجعة بدأت تتحضّر خلال الأيام الماضية، داخـل أوسـاط الطرفين، وبشكل منفرد طبعاً، ومن دون أي تنسيق، لمجمل التطورات على الساحة المسيحية، كما علـى الساحة العامة، والتي أدّت إلى الواقع الحالـي، فـي ضوء معلومات عن إمكان الإنقلاب على المصالحة. وتشـدّد المصادر نفسها، على أن العامل الأساسي الذي عجّل لهذه العملية، ولا سيما في أوسـاط «التيـار الوطـني الحر»، هو الغياب القواتي الذي وصل إلى مستوى المقاطعة أحياناً لمجمل مناسبات واحتفالات «التيار»، خصوصاً في المناطق، واقتراب موعد إحياء ذكرى 13 تشرين من قبل «التيار» في احتفال كبير، إضافة إلى رسالة تلقاها كل الأطراف في عودة مشهد «الترويـكا» إلـى الساحة، وسط غياب للطرف المسيحي، الأمر الذي استحضر مرحلة ما بعد اتفاق الطائف في التسعينات.
فهل من طرف تدخل لإعادة ترميم جسور العلاقة بين ركني المصالحة المسيحية؟ عن هذا السؤال، تقول المصادر أن ارتفاع وتيرة الإنتقاد والإعتراض في الخطاب القواتي، بات يستدعي خطاباً مختلفاً من قبل «التيار الوطني الحر»، إذ لم يعد من الممكن الإستمرار على هذا المنوال في المواقف التي تنذر بمواجهة مرتقبة. وأكدت المصادر ذاتها، ان الإستحقاقات الداخلية والخارجية التي تنتظر الساحـة اللبنانية، كما الساحة الإقليمية، دفعت بأكثـر من شخصية قريبة من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، إلى قراءة رموز الرسائل السياسية التي تظهر تبـاعاً من قبل تحرّكات داخلية وخارجية على حـدّ سـواء، وأبرزها لقاء التشاور الذي جمـع الرئيسـين نـبيه بري وسعد الحريري في دارة النائب وليـد جنـبلاط في كليمنصو، والذي تخطى إطار تعـزيز الـعلاقة بين تيار «المستقبل» والحزب التقدمي الإشـتراكي.
وتضيف المصادر النيابية المسيحية نفسها، أن كل الاحتمالات تبقى واردة في حال تجاوزت هذه العلاقة مستوى التحالف الإنتخابي إلى تحالف داخل الحكومة، يمهّد لاصطفافات من شأنها أن تؤثّر على المناخ الحكومي العام، ويعرقل إقرار العديد من الملفات الحيوية على طاولة مجلس الوزراء.
وانطلاقاً من هذا الواقع، فإن الخيارات التي بدأت تضيق أمام أكثر من فريق سياسي عشية دخول الساحة المحلية مدار الإنتخابات النيابية، ستدفع مجدّداً وفق اعتقاد هذه المصادر، إلى العمل على ترميم جسور العـلاقة بين «القوات» و«التيار»، وذلـك مـن خـلال تحـوّل في الخطاب السياسي العوني سيبرز في الأيام المقبلة، وتحديداً في احتفال 13 تشرين، وإن كانت لم توجّه أي دعوات للمشاركة إلى أي أطراف سياسية. وكشفت أن كلمة رئيس «التيار» الوزير جبران باسيل، ستلحظ أن الإختلاف في المقاربات هو أمر طبيعي بين الحلفاء وأطراف أي تفاهم، إذ ليس من الضـروري التـوافق على رؤيا موحّدة إزاء كل العناوين، مـع التـركيز على أن المصالحة تبقى أولوية، ويحرص عليها «التيار».