طبعاً، البلد ليس سليماً.
لكنه، ليس عاطلاً.
والناس، يقولون انه يكفي النظر الى الثائرين على الوضع.
ويكفي أيضاً الانطباع بأن الوطن قابل للاصلاح.
يضحك سياسي عريق، وهو يرنو الى نوعية المعارضين، ويقول ان الحاكمين ليسوا أسوأ من المعارضين.
ويعتقد السياسي العريق، ان جهابذة المعارضة هم عملياً جهابذة الفاسدين وان من كان يعرض المناصب في مزاد علني لا حقّ له التحذير من الفساد.
وان من حمى الفاسدين في الوظائف، لا يحقّ له أن ينادي بالدعوة الى حكم نظيف.
ومن يستعدّون لبلورة كتل سياسية يعرف الجميع أنهم روّاد فساد لا دعاة اصلاح.
كان النائب عبدالله الحاج، يقول قبل نصف قرن، ان الحياة السياسية لا تستقيم ولا تسلم، بوجود باعة المناصب.
اما الأستاذ كمال جنبلاط، فكان يردّد بأن تجربة المصلح في الحكم، هي الامتحان السليم لنظافة الكفّ.
وفي رأي الوزير السابق ادوار حنين، ان الحاكم لا يخرج نظيفاً من السلطة، إلاّ اذا تولى السلطة، وأثبت نزاهته، خلال وجوده في الحكم.
ماذا يفعل بعض روّاد المعارضة الآن؟
هل يكرّرون مفاسدهم والأضاليل، ليبعدوا عنهم الأباطيل التي فعلوها سابقاً، من خلال الصراخ في وجه زملائهم، على قاعدة ان من يزعق يهابه المتفرّجون على فساد مستشرٍ في المؤسسات؟
شاهد قاض نزيه، ما هو مستشرٍ الآن، في الحكم، فصرخ: حرام على لبنان هذه النهاية!
***
ثمة في الآفاق بارقة أمل، تشعّ من الفئات قاطبة.
نجوم ١٤ آذار المتجولون على أهل السياسة، ثمة في أوساطهم معارضة لما يقومون به.
وأساطين ٨ آذار، عندهم الأشياء نفسها.
بالعربي الفصيح هناك معارضون في قلب الكتل والأحزاب، بواكير معارضة غير مشهود لها بعد بالمواجهة.
لكن المواجهة آتية.
وهي ستكبر وتزداد ارتفاعاً في الآفاق، لتؤلف قريباً، ما يمكن تسميته بالرأي العام الخارج على صمته.
كان الرئيس كامل الأسعد، متشاوفاً، وعندما يصعد الى إهدن، في زيارته الأسبوعية لرئيس الجمهورية، يبادر الرئيس سليمان فرنجيه، بأن بعض المعارضين يزيدونها في معارضتهم.
إلاّ أن رئيس البلاد سأله عما يفعل بدوره لفضح أقوالهم، وعنده كتلة نيابية مؤهلة لتنوب عنه بهذه المهمة.
ولو يتذكر بعض السياسيين ماضيهم، لكانوا يقلعون عما يفعلونه الآن.
في الأسبوع الفائت شاهد شهابي بارز، وزيراً صعد باسم الشهابية الى الوظائف، وحظي بمواقع كبيرة، إلاّ أنه باع نفسه لأعداء الشهابية، ويريد الآن أن يحاضر في الوفاء، ويستقوي على الأوادم، ويصبح بياعاً لسلعة رائجة في العصرالحديث.
عندئذ، صارح رجل سياسي زميله، بأن التاجر في السياسة، مثل التاجر في السلع، يبقى مجرد تاجر، ولو تكلم بصوت عالٍ.
هل البلاد في خير؟
لا أحد يعرف الحقائق، لكن العارفين بالأسرار، باتوا يدركون ان هذا الزمان، ليس زمان الحساب.