IMLebanon

«شبه السيادية»: عرض مرفوض

 

تكاد تنقضي ثلاثة أشهر على تكليف الرّئيس سعد الحريري تشكيل الحكومة، لكنّ المأزق الوزاري اكتسب درجة من «المناعة» على الحلّ لدرجة لم يمنع القوى السياسية المعنية مباشرة بعملية تأليف الحكومة من إلغاء إجازاتهم والسفر الى الخارج في «عزّ» الورطة الحكومية!

بين الحكومة الأولى للعهد، والثانية التي لم ترَ النور بعد، لم يغيّر رئيس مجلس النوّاب نبيه بري، كذلك الرئيس المكلّف سعد الحريري رأييهما في ضرورة ولادة حكومة تجمع «الكلّ».

لسان حال عين التينة بين الحكومتين أنّ من اقترع ومن لم يقترع لرئيس الجمهورية، ومن سمّى ومن لم يسمِّ الحريري لرئاسة الحكومة، لهم جميعاً أماكن في الحكومة. يُنقل عن برّي قوله دائماً حين تُفتح سيرة حكومة «الأمر الواقع» أو حكومة الأكثريّة عبارة ردّدها دوماً العميد ريمون إدّه في معرض المزاح: ما دام المرعى يتيح لكلّ مَن فيه أن يرعى، لِمَ ترك الحمار مربوطاً؟!

المسلّمة الثانية التي يتمسّك برّي بها لا ثلث معطلاً بعد اليوم بعد زوال «معسكرَي» 8 و14 آذار. أقلّه، تمكّن الحريري، بمساندة مباشرة من برّي، و«حزب الله» معهما، من جعل هاتين المسألتين خارج النقاش.

لكنّ الغبار الكثيف الذي أحاط بما سُرِّب من الكواليس المغلقة في الأيام الماضية، بشأن نتائج الحراك المتعدّد الاتجاهات بين المقرّات السياسية، يكاد يُختصر بجملة واحدة يؤكّدها مرجع مطّلع على المداولات بشأن تأليف الحكومة «حلّ العقدة الدرزية بإقناع النائب السابق وليد جنبلاط أن يتخلّى عن الدرزيّ الثالث في الحكومة كفيل بحلّ العقد الأخرى وعلى رأسها تضارب الأحجام والحقائب بين «التيار الوطني الحر» و«القوات اللبنانية». يضيف المرجع: «إقتناع جنبلاط بالتخلّي عن مطلبه غير المنطقي كفيل بجعل حلّ العقدة المسيحية كشربة ماء»!

الملفت في هذا السياق تأكيد أحد نواب تكتل «لبنان القوي» أنّ «إصرار جنبلاط على حصته الثلاثية لن يعني سوى وضع رئيس الجمهورية و«التيار الوطني» يديهما على المسيحيين الـ 15، والحريري ينال المقاعد السنية الستة، و»حزب الله» و»حركة أمل» المقاعد الشيعية بكاملها»!

مطلعون يشيرون الى أنّ لبّ زيارة الحريري للرئيس بري يختصر بإطلاقه نداء استغاثة من أجل تدخّل الأخير لإقناع جنبلاط بتسوية بشأن الحصّة الدرزية. لكن رئيس «اللقاء الديموقراطي» المتمسّك حتى الآن بمطلبه يرفض تماماً أيّ مشاركة درزية – إرسلانية، مباشرة أو غير مباشرة.

وفيما تركّزت الأنظار في الساعات الماضية على الحقيبة السيادية الرابعة المفترض، بعِرف معراب، أن تذهب لـ»القوات»، فإنّ تجيير رئيس الجمهورية أمر البتّ بها للرئيس المكلّف لم يفككْ لغمها. وفق المعلومات، وردّاً على ما سُرّب مؤخراً بشأن مطالبة باسيل الحريري «بإعطاء «القوات» الحقيبة السيادية من حصته»، ومجاهرة نواب عونيين صراحة بهذا الأمر فإن «القوات» ترفض أي نقاش بهذا الموضوع رافضة الدخول الى ملعب الرئيس المكلّف ومفاوضته على حقيبة الداخلية السيادية التي تمّ التسليم بها كجزء من حصة «تيار المستقبل» منذ بداية التفاوض.

ويبدو أنّ «القوات» لا تزال تناور داخل ملعب لم تخرج منه أصلاً: إما الدفاع وإما الخارجية. رهانها الأكبر التمسّك بورقة عدم رفض الثنائي الشيعي لتولي وزير قواتي أيًّا من هاتين الحقيبتين. وهو أمر عاد الرئيس بري وكرّره على مسامع الوزير ملحم الرياشي قبل أيّام حين أكّد له أن «أمل» و«حزب الله» لا يتدخّلان إطلاقاً بالحقيبتين السياديتين المسيحيتين، و»ما حَدا يتلطّى فينا»!

وفي لقاء باسيل ليل الخميس مع الحريري قدّم للأخير عرضاً يشمل حصة «التيار» وحصة رئيس الجمهورية، لكنّ الرئيس المكلّف رفض إعطاء أيّ جواب قبل النقاش مع «القوات» والتقى الرياشي لاحقاً. المعلومات تفيد أن العرض العوني تضمّن عشرة وزراء لـ«التيار» وعون ويشمل حقيبتيّ الخارجية والدفاع ونائب رئيس الحكومة والطاقة.

وحتى الآن ترفض «القوات» تماماً التنازل عن إحدى السياديتين مقابل تنازل «التيار» عن حقيبة العدل وتجييرها لمعراب بوصفها «شبه سيادية»!