لا أحد يستطيع أن يزيح من أمام عينيه عبارة «…والآتي أعظم»!!
منذ البداية، بدا واضحاً أن سيناريو 4 تشرين الثاني لم يقفل. ذاك الذي تم اعداده بالتواطؤ بين جهات داخلية وأخرى خارجية لتفجير لبنان. بالتالي استيعاب «حزب الله» بدفعه الى صدامات داخلية قد تفضي الى تقويض الدولة، ووضع اللبنانيين في مهب النار.
الأشباح لا تزال تعمل على مدار الساعة. تواصلها مع محترفي الكراهيات، ومحترفي البهلوانيات، في الداخل اللبناني، لا يزال في أوجه. لبنان أمام حلقة بالغة التعقيد، وبالغة الحساسية، من السيناريو اياه. الذئاب لا تنام…
ثمة شخصيات على أكثر من ضفة، لا تدري ان السباق الى رئاسة الجمهورية، وفي بدايات العهد لا في نهاياته، لا يمكن أن يقوم على أنقاض الجمهورية. اذا بقيت الأمور في مسارها الراهن، وهو مسار تصعيدي وتصاعدي، سنكون سوية تحت الأنقاض. لا جمهورية ولا رئاسة جمهورية.
واذا كانت الأشهر المجنونة تلك التي تسبق عادة الانتخابات الرئاسية، فالثابت أن الصراع على صناديق الاقتراع أحدث حالة هيستيرية. ماذا سستقيأ الصناديق، أي أحجام، وأي أوزان، توصل الى الكرسي الرئاسي الذي بمثابة الكرسي الكهربائي؟
لطالما حلمنا برئيس جمهورية قوي، لا يكون الطربوش العثماني، وبوسعه اجتثاث مناطق التعفن، وما أكثرها، داخل الدولة. ولطالما قلنا بدور للمسيحيين، مسيحيي الأنجيل لا مسيحيي العباءة والخنجر, ويمكن أن يساعد المسلمين، سنّة وشيعة، على الخروج من «صراع العدم».
مثلما نراهن على حكمة الرئيس ميشال عون الذي يحلم باقامة الجمهورية الثالثة، من خلال الاصلاحات الدستورية (وبتطبيق المادة95 لجهة تشكيل الهيئة الوطنية لالغاء الطائفية)، والاصلاحات السياسية التي تدفع بالبلاد الى خارج القرن التاسع عشر، نراهن على حكمة الرئيس نبيه بري الذي، اذا رفع الصوت لتطبيق المادة اياها، اضطلع بدور تاريخي في انقاذ الجمهورية المرة تلو المرة.
هذه مرحلة الرؤوس الكبيرة، والضمائر الكبيرة، لا مرحلة الأحصنة المجنونة، أومرحلة الأحصنة التائهة. المنطقة التي حولنا اما أنها ذاهبة الى صفقات تعيد تشكيل قواعد اللعبة، وربما البنى الجغرافية والدستورية، أو الى اتجاهات جديدة للعبة الدومينو التي هي، في ظروفنا الراهنة، لعبة النهاية.
البعض من أهل السياسة لا يلاحظ دبيب الأشباح، ولا حتى الضوضاء التي يحدثها الاشباح. كما لو أن القوى الكبرى تركت لنا هذه الحلبة التي اسوارها من قش، لنمارس هوايتنا الكبرى، هوايتنا المقدسة، في هدم جدران بعضنا البعض ريثما يسقط الهيكل فوقنا.
ثمة من زرع أصحاب الأظافر، الأظافر الطويلة، في اكثر من مكان لتأجيج الصراع. لن يفوتنا وعد البعض الداخلي للبعض الخارجي بفك التفاهم بن قصر بعبدا و«حزب الله»، مع اقتناعنا المطلق بأن العماد ميشال عون ليس من النوع الذي «يتحوّل بالسيارات الفارهة وبأكياس الذهب» الى جنرال آخر.
للعلم فقط، اذا ما أخذنا بالاعتبار الخط المستقيم لا الخط المتعرج، للنص الدستوري، يفترض اجراء انتخابات نيابية قبل نهاية العهد، الا اذا كان هناك من يراهن على القضاء والقدر، أو على السيناريوات الخارجية، ويعتبر أن الانتخابات الرئاسية ستجري قبل عام 2022.
حاليا، نحن تحت مظلة الستاتيكو. الانتخابات النيابية حتمية, وستظهر، بالرغم من كل سياسات التعليب، أن اللبنانيين البعيدين عن هذه السياسات، لم يعودوا ظواهر فولكلورية، بل انهم يهددون، في العمق، الطبقة التي تقوم على الوثنية السياسية.
لا حالة مسيحية، كما يسعى البعض، ولا حالة سنيّة وحالة شيعية، كما كرّست الأحداث. الحاجة ماسة الى الحالة اللبنانية التي من أركانها، وفي أساسها، الرئيسان عون وبري. الاثنان يدركان جيداً من لوّح بـ«ليلة سقوط القسطنطينية» من خلال اضرام النار في الزوايا.
حين تكون الجمهورية ملتبسة، كيف لا يكون الدستور ملتبساً، لا تكون وثيقة الطائف ملتبسة. ليس، في أي حال، الالتباس الخلاق.
أيضاً، كائنات ملتبسة في ليلة الأظافر الطويلة!!