ذكرى 7 آب من العام 2001 التي احياها «التيار الوطني الحر» ابرزت بوضوح حجم الضحالة التي وصل اليها التيار اثر توريث الجنرال ميشال عون تركته الحزبية لصهره الوزير جبران باسيل، مشهدية «الكوميديا السوداء» تجلت بوضوح من كلمتي المناسبة مروراً بالحضور الذين صفقوا على طريقة الديك المذبوح وفق اوساط المعارضة البرتقالية، وصولاً الى غياب المفصولين عن التيار الذين كانوا ابطال المناسبة التي احتفل بها المتسلقون اصحاب السجلات النظيفة الذين لا علاقة لهم بالمناضلين. ولو كان باسيل يحمل قليلاً من بعد النظر لما احتفل بالمناسبة التي صنعها امثال نعيم عون وزياد عبس وانطوان نصر الله كونها تشكل فضيحة بحد ذاتها، فاين كان رئيس التيار يومذاك وماذا قدم غير النضال عن بعد وبالمنظار في وقت سجلت فيه اجهزة الوصاية السورية صناع المناسبة المذكورة.
وتضيف الاوساط المعارضة انه من الجريمة بمكان ان تقحم قامة من وزن الجنرال في دهليز لا يوصل الى مكان الا الى جنهم باقصر الطرق والدليل على ذلك جلي وواضح في كلمة باسيل التي استهلها بالحديث عن ابنه غبريال الذي نصحه بعدم كتابة كلمته كون الرئيس يجب ان يلقي ارتجالاً، فهل اراد من خلال ذلك ابلاغ الحضور بانه قد يتخلى عن رئاسة التيار لنجله على طريقة رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط ام على طريقة النائب سليمان فرنجية علما انه شتان بين الثرى والثريا في المقاربة كون قصر المختارة ودارة بنشعي تجسدان رمزيا في عالم السياسة والزعامة المناطقية ضربت جذوره عميقة في تاريخ لبنان قبل الاستقلال وبعده.
ولعل اللافت وفق المعارضة البرتقالية ان باسيل كشف حجم ثقافته التي لا تتعدي الامية وكان بامكانه تلافي دخول حلبة لا يعرف مخارجها فللخطابة رجالاتها ومنابرها، فلا هو الحجاج بن يوسف ولا زياد بن ابيه ولا عبدالله سعادة او لويس ابو شرف فاستحضاره قولا للامام علي شكل فضيحة وفضح قلة معرفته فيما تعرفه العامة من الناس اذ قال: قال الامام علي: «حاجة الناس اليك» واستدار ناحية عون طالبا النجدة عندما شعر بأنه انزلق من حيث لا يدري فدعمه الجنرال بمطلع القول: «من نعم الله عليك» اضافة الى سوقه مثل من الانجيل حول «التينة اليابسة» فشوه المثل كما شوه كلام امير المؤمنين.
هذا في الشكل وفق الاوساط المعارضة اما في المضمون فإن كلام باسيل كان واضحا ومن علّ على طريقة الملك لويس الرابع عشر «انا التيار والتيار انا» ومن لا يعجبه الامر فلينطح الحائط كونه لا يعترف بوجود معارضة والادهى من ذلك انه استدرج الجنرال الى الفخ فعلى الرغم من ابوة عون لاتباعه وعلى الرغم من سنه الذي اتاح له ان يراكم خبرة في معظم المجالات عسكرية كانت ام سياسية، فإن موقفه الحاد اطاح بكل شيء اذ اعلن الجنرال ان في الحزب رئىسا يدير كل شيء ويدبّر كل شيء وما على البرتغاليين الا المبايعة على السمع والطاعة وعلى طريقة مبايعة «داعش» للبغدادي، فهل نسي عون الديموقراطية ام انه استغلها لتغطية اقصى واقسى الديكتاتوريات؟
وتشير المعارضة البرتقالية الى انه «رب ضارة نافعة» كون معظم الكوادر داخل التيار تشهد حركة تململ واسعة بعد كلام الجنرال وباسيل وتمثل ذلك باتصالات بالمفصولين للتنسيق على انقاذ التيار من قبضة باسيل والاتفاق على التخطيط لحركة تصحيحية لاسترداد التيار وتحويله من حزب العائلة الى مؤسسة حزبية لها نظامها الداخلي وهيكليتها وتراتبيتها، اما بالنسبة للجنرال فيقول احد المعارضين البارزين «ويلي عليك وويلي منك يا رجل» وفق عجز احد الابيات الشعرية للاعشى.