IMLebanon

فصل مسار» سعودي للعلاقة مع فرنجية

«فصل مسار» سعودي للعلاقة مع فرنجية

بين بنشعي والرياض: خلاف فمهادنة.. فرئاسة

في كتابها «وطني دائماً على حق»، كشفت صونيا فرنجية جزءاً من تاريخ العلاقة الذي ربط بين آل فرنجية وأمراء السعودية. زواج ابنة الرئيس الراحل سليمان فرنجية من الطبيب الراحل عبدالله الراسي الذي كان يعمل في الرياض، شكّل أحد مفاتيح هذه العلاقة.

تحدّثت عن الصداقة التي كانت تجمع الملك فيصل بن عبد العزيز وحميد فرنجية واستكمال شقيقه الأمير سلمان (آنذاك) للمسار نفسه، عن زيارات والدها الرئيس فرنجية للمملكة، ودور عبدالله الراسي ومكانته لدى السعوديين وصداقته مع حاكم الرياض (آنذاك) الأمير سلمان، عن زيارة وزير الدفاع الأمير سلطان التاريخية الى زغرتا بعد انتخاب فرنجية رئيساً وإهدائه صونيا ساعة «بياجيه» قاعدتها مرصّعة بالفيروز وسوارها من المرجان، عن زيارة سليمان فرنجية الرياض العام 1973 مع النواب عبدالله الراسي وطوني فرنجية وناظم عكاري، واستقبال الملك فيصل لهم في خيمة تتّسع لـ700 شخص حيث رقص مع أشقائه «العرضة النجدية» ترحيباً برئيس لبنان، عن إتقان أحد الأمراء للهجة الزغرتاوية وهيام أمراء آخرين بالكبّة الزغرتاوية…

لسنوات طويلة تكفّل فصل المسار مع السعوديين على حساب تعزيز وتثبيت العلاقة مع آل الأسد، في طيّ هذه الحقبة الذهبية من التواصل البنّاء بين بيت فرنجية والمملكة. من زغرتا الى دمشق نشأت علاقة عائلية تقليدية قبل أن تدق السياسة حتى ابواب الزعيم الشمالي. الرئيس فرنجية اعتاد أن يصطحب فرنجية الحفيد في رحلات إلى دمشق لزيارة صديقه الرئيس حافظ الأسد. ثم اعتاد «سليمي»، كما كان يناديه جدّه، على القيام برحلات الصيد مع باسل الأسد، الشقيق الأكبر لبشار، الذي توفى في حادث سيارة في 1994، ليكمّل بـ «الخط» نفسه مع بشار.

«طَبش» ميزان العلاقة مع آل سعود تدريجاً نحو العداوة و«الكباش» المباشر. ابن «الخط» صار أحد ألدّ أعداء المملكة بما أنه على الجبهة نفسها مع بشار الأسد. بلغ تأييد فرنجية الأقصى للنظام السوري و «حزب الله» بسيره خلف الأخير في شيطنة «عاصفة الحزم» في مقابل مواقف خجولة لبعض حلفاء سوريا في لبنان.

كان فرنجية واضحاً بالتأكيد «انا مع السيّد حسن نصرالله حتى النهاية في الموقف الذي اتّخذه من الحرب السعودية على اليمن، أياً يكن ارتفاع سقف موقفه السياسي».

قبل ذلك بأعوام حصل «كباش» مباشر اضطر فيه السفير السعودي السابق عبد العزيز خوجة الى تخصيص ردّ مباشر على «مَن يفترض أنه رجل دولة ولعائلته علاقة عريقة مع المملكة»، واصفاً ما تتعرّض له الرياض بـ«الحملة السورية بأبواق لبنانية».

يومها، تحديداً في تشرين الثاني 2008، اي قبل نحو عام من انتخابات 2009، اتّهم فرنجية صراحة السعوديين بدفع الأموال لتقوية نفوذهم في لبنان وليس لتقوية تحالف «14 آذار» ولا لدعم مسيحيي لبنان «لأنه في النهاية لا يهمّهم أمر المسيحيين في لبنان، بل إضعافهم من خلال دفع أموال إلى الذين لا يمثلون أحداً لشراء الصوت المسيحي لارتهانه بمرجعية آل الحريري».

اقترح فرنجية آنذاك حلّاً عملياً وذكياً على الناخبين المسيحيين «خذوا الأموال وصوّتوا على ذوقكم».

عملياً، انتهى مسار المناكفة الطويل، والذي سبقته مرحلة من المهادنة المتبادلة بين الطرفين، بمباركة السفير السعودي الحالي علي عواض العسيري لمبادرة ترشيح سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية. أبدى السفير السعودي تفاؤلاً غير مسبوق حين بشّر بإمكانية ملء الشغور الرئاسي قبل نهاية العام الحالي، رابطاً إياه بحتمية عودة السياح السعوديين مع فتح أبواب قصر بعبدا مجدداً.

بكبسة زر حيّدت كافة مراحل النزاع بالمباشر مع «حزب الله»، وغير المباشر مع فرنجية حليف الحزب، لمصلحة تعويم صديق النظام السوري. من اغتيال الرئيس فريق الحريري العام 2005 الى كانون الثاني 2011 حين اسقطت حكومة الرئيس سعد الحريري، الى أحداث سوريا والبحرين واليمن وحادثة الحجاج في منى وصولاً الى ارتفاع هتافات «الموت لآل سعود» من قلب الضاحية الجنوبية وتبنّي فرنجية لموقف «حزب الله» الذي اتهم السعودية أكثر من مرة بتمويل ودعم المنظمات الإرهابية والتكفيرية.

لكن حتّى اللحظة التي فُرملت فيها الاندفاعة لتسويق الاقتراح الرئاسي على جبهتيْ «8 و14 آذار»، ظلّ التساؤل الاساسي يتمحور حول مصلحة الرياض في فصل المواجهة السعودية ـ الإيرانية على ارض سوريا واليمن عن خيارها بتبنّي ترشيح سليمان فرنجية الى الرئاسة. وماذا يعني التمسّك السعودي بخيار «البيك» في الوقت الذي يؤكّد فيه وزير الخارجية السعودي عادل الجبير أن أمام بشار الأسد خيارين: أن يترك السلطة عبر المفاوضات او القتال…

في اليومين الماضيين، روّجت دوائر ضيقة من فريق الرئيس الحريري بأن «هذا خيارنا الرئاسي وليتحمّل الرافضون مسوؤلية رفضهم، لأن لا خطة ب لدينا». فُهِم من هذا التلميح بأن «الشيخ» الذي يستعجل العودة الى بيروت قد رَفع العشرة. لكن مسار التطورات يشي بغير ذلك.

الرياض، برأي المطلعين، لم تسحب بركتها من المبادرة الإنقاذية. سعد الحريري يسعى بكل قواه لإعادة إنعاشها. والرهان الأكبر هو على إشارة إقليمية سعودية ـ إيرانية تعزّز مناخات التوافق الداخلي وتمتلك المناعة الكافية للصمود في حال رؤية فرنجية يصافح الأسد قريباً في قصر المهاجرين، وهذه المرة أمام الكاميرات…