جاءت الحرب العالمية الاولى بمثابة الاعلان عن فشل الامبراطوريات الدينية وفي مقدمتها الروسية الارثوذكسية والتركية السنية والنمساوية الكاثوليكية، ونجحت الدولة العلمانية الاوروبية في الشروع بتاسيس نظام عالمي حديث عبر عصبة الامم في جنيف التي رفض الكونغرس الاميركي الانضمام اليها رغم انها فكرة الرئيس الاميركي ويلسون في مؤتمر فرساي، فشلت عصبة الامم في الالتزام بالحفاظ على الامن والسلم و ذهبت الدول العلمانية الاوروبية الى ذهنية ما قبل الامبراطوريات الدينية بتجديد العصبيات القومية وتفوق الاعراق واحياء النزعات الاستعمارية عبر التنافس على الاسواق، مما عزز صعود النازية الالمانية فجاءت الحرب العالمية الثانية بمثابة إعلان عن فشل الدول القومية والعلمانية الاوروبية.
دخلت اميركا الحرب الثانية في عامها الاخير ١٩٤٤بعد دمار اوروبا واحتلالها مما شكل فرصة لصعودها كقوة عظمى والاعلان عن فشل عصبة الامم واسترداد فكرة الرئيس ويلسون وتأسيس الجمعية العامة للامم المتحدة ومقرها نيويورك ١٩٤٥، وجاء العدوان الثلاثي على مصر ٥٦ ليشكل نهاية لاستعمار الاوروبي القديم وبداية الحرب الباردة بين الاتحاد السوفياتي الشيوعي نصير العمال والفلاحين والولايات المتحدة الراسمالية نصيرة الحريات الفردية والفكرية وحق الملكية.
فشل الاتحاد السوفياتي والولايات المتحدة الاميركية في اخفاء ميولهم الاستعمارية خلف الشعارات الايديولوجية والهوليودية ودخلوا في منافسة كونية حادة، مما اضطر الاتحاد السوفياتي الى تقديم القوة العسكرية على الايديولوجية وتخلت اميركا عن شعارات الحرية والديموقراطية واستخدمت الاديان في مواجهة الشيوعية وتصدر الفشل معظم عمليات الحرب الباردة اذ فشلت اميركا في حرب الصواريخ الكوبية عام ٦٢ ثم فشلت في فيتنام عام ٧٣ وفشل السوفياتي في افغانستان ١٩٨٨، ثم فشل سياسية الستار الحديدي مع سقوط جدار برلين عام ٨٩ ، وفشلت الشيوعية امام ثورة ليش فاليسا البولونية وبدعم من قداسة البابا يوحنا بولس الثاني ١٩٩٠ ثم كان الفشل الكبير مع اعلان الرئيس الروسي غورباتشوف في ١٩٩١ انهاء الاتحاد السوفياتي.
رفضت الولايات المتحدة تقاسم الانتصار بالحرب الباردة مع حلفائها وهم اوروبا الغربية والكنيسة الكاثوليكية العالمية والدول الاسلامية والمجاهدين الافغان والعرب الذين ساهموا في هزيمة الشيوعية، وذهبت اميركا منفردة الى الاحادية السياسية والحديث عن اوروبا العجوز والقديمة والتعريض بالدول الاسلامية واتهامها بعدم احترام الحريات، وتنكرت لدور الكنيسة الروسية الأرثوذكسية في محاربة الشيوعية ومع تعاظم مع ظهور المحافظون الجدد وبعد عشر سنوات على الاحادية الاميركية جاء التفجير الارهابي قي نيويورك في ١١ ايلول ٢٠٠١ بمثابة الاعلان عن فشل الاحادية وعودة اميركا الى التحالفات الدولية في حروبها الانتقامية في افغانستان والعراق.
اختارت ادارة الرئيس ترامب احياء الذكرى العشرين لتفجيرات ١١ ايلول في ٢٠٢١ باتمام الانسحاب من افغانستان والتمهيد لاميركا جديدة عبر الوثائق الفكرية الصادرة عن البيت الابيض خلال الاشهر الماضية، والتأكيد على التنوع واليمين واليسار وعلى الديموقراطية كإطار وحيد للتحالفات والشراكات في مواجهة الأنظمة الاستبدادية، والدخول في حرب باردة جديدة مع الصين التي نجحت بتقديم نموذجها الاقتصادي واصبحت المنافس العالمي الكبير، واليوم مع تداعيات الانسحاب المأساوي من افغانستان فان العالم باسره يعيش حالة مراجعة للويلات التي تسببت بها تفجيرات ١١ ايلول الارهابية والحروب الانتقامية الاميركية على افغانستان والعراق وعموم بلاد الشام التي تعاني من فشل منظومة الامم المتحدة ومثيلاتها العربية والاوروبية والاسلامية والصناعية والاقتصادية العالمية وفشل الصداقات مع دول العالم والجوار وفشل القيادات المحلية الثورية والتقليدية في بناء الدولة الوطنية مما يجعل من اليوم السبت ١١ ايلول ٢٠٢١ يوم الفشل العالمي.