أحداث “عين الحلوة” مريبة .. وقرار الجيش حازم في منع تمددها والحفاظ على الاستقرار
في حمأة الأزمة السياسية التي يعيشها لبنان، وفي ظل استمرار الشغور الرئاسي الذي يهدد ما تبقى من مؤسسات في البلد، ترك تفجر الصراع الفلسطيني في مخيم “عين الحلوة” الكثير من التساؤلات عن التوقيت والأهداف . ما دفع رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي إلى وصف ما جرى ب”المشبوه” . وهو أمر يخفي برأي أوساط سياسية، مخاوف من وجود مخطط لإشعال اضطرابات أمنية في المخيم، ما حمل الجيش على اتخاذ تدابير مشددة حوله، وعزز من انتشاره على الحواجز المحيطة به . وبالنظر إلى خطورة ما جرى ، فإن تحذيرات أطلقت من جانب عدد من القيادات السياسية، من مغبة أن يكون ما حصل، مقدمة لتكرار حرب نهر البارد في “عين الحلوة”، في حين رأت مصادر متابعة أن هذه الاشتباكات، تدخل في سياق محاولات أطراف فلسطينية للإمساك بورقة المخيمات، بدعم إقليمي .
وفي السياق، كان لافتاً، ما تخوفت منه مصادر امنية من تكون الاشتباكات المريبة التي شهدتها المخيمات الفلسطينية، مقدمة لإشكالات واسعة تطال مناطق أخرى وتتمدد الى مختلف النواحي والمخيمات التي تضم لاجئين فلسطينيين. وتراقب مراجع امنية الأسلحة المستعملة من قبل الفصائل الفلسطينية، وتعتبر ان أي دخول للأسلحة الثقيلة إلى المخيمات، سيشكل خطراً على المحيط اللبناني، وقد يؤدي الى عدم وقوف الجيش اللبناني على الحياد، لأن ذلك سيعرض الامن اللبناني للخطر. وهذا يثير القلق من وجود مخاطر تتهدد الأمن الوطني اللبناني، ولا يتناسب مع مصالح البلد وشعبه . وإذا كانت المساعي قد نجحت في وقف الاقتتال الفلسطيني، فإن الأحداث الدامية التي شهدها “عين الحلوة”، استدعت من الجيش اللبناني اتخاذ المزيد من الاجراءات الأمنية، لقطع الطريق على أي محاولات مشبوهه، لتوريطه في صراعات عسكرية، متزامنة مع استمرار الشغور الرئاسي الذي يخفي الكثير من المخاوف على لبنان .
وفي حين أن الأزمة الرئاسية لا زالت تراوح، بانتظار حوار أيلول الذي يحضر له المبعوث الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان، وما يمكن أن تتخذه الأطراف اللبنانية من خطوات، لإنجاز الحل المنشود الذي قد يفضي إلى انتخاب رئيس جديد للجمهورية، تترقب الأوساط الداخلية تداعيات مرحلة ما بعد حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة، بعد تسلم نائبه الأول وسيم منصوري مقاليد الحاكمية وكالة، في وقت كان لافتاً، إعلان رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي عن جلسة لمجلس الوزراء ستُعقد في الديمان الثلاثاء المقبل، تتمحور حول “التأكيد على القيم الإنسانية والتمسّك بالوحدة الوطنية”، مشدداً ننادي بإسم كل الوزراء لانتخاب رئيسٍ جديد للجمهورية بأسرع وقتٍ ممكن من أجل إعادة انتظام المؤسسات الدستوريّة”، ومؤكداً أنه بحث مع البطريرك الراعي في ملف النازحين السوريين، وأن لبنان يعاني الكثير بسبب تلك القضية” .
وأشارت مصادر ل “موقع اللواء”، إلى أنه “في حال اجتماع حكومة تصريف الاعمال في الديمان، فإن ذلك يعبر عن رسالة طمأنه من جانب الرئيس ميقاتي والحكومة للبطريرك الراعي والقيادات المسيحية، وبمثابة تبديد للهواجس التي لا زال البعض يعبر عنها، متهماً الحكومة بالاستيلاء على صلاحيات رئيس الجمهورية، وهو أمر ينفيه الرئيس ميقاتي مع كل المسؤولين المسيحيين، الروحيين والزمنيين الذين يلتقيهم . وهذا ما أبلغه للبطريرك الراعي خلال لقائه به في الديمان . وفيما رحب البطريرك بهذه الخطوة، فإن الرئيس ميقاتي، أكد لرأس الكنيسة المارونية، أن باب إنهاء الشغور، بالتوافق على الإسراع في انتخاب رئيس للجمهورية، لإخراج البلد من هذا المأزق الذي لا يمكن تحمل تبعاته في حال بقي الوضع على ما هو عليه” .
وفي إطار استمرار الحراك السعودي بعد مقررات “المجموعة الخماسية”، برزت زيارة رئيس “حركة الاستقلال” النائب ميشال معوض لسفير المملكة العربية السعودية في لبنان وليد البخاري، حيث كان نقاش في التطورات الراهنة وفي نتائج اجتماع اللجنة الخماسية في الدوحة. وفي الوقت الذي أثنى النائب معوض على الجهود التي تقوم بها المملكة لمساندة اللبنانيين في نضالهم من أجل استعادة السيادة وإعلاء حكم القانون وبناء الدولة وإصلاح المؤسسات وإطلاق عجلة النمو، عبرت أوساط دبلوماسية خليجية ل”موقع اللواء”، عن اعتقادها أن “شهر أيلول المقبل، يجب أن يكون حاسماً من أجل إنهاء أزمة الشغور الرئاسي الذي يرخي بتداعياته على مجمل المشهد اللبناني، حيث الفراغ يهدد قيادة الجيش اللبناني، بعد حاكمية مصرف لبنان، وما يمكن أن يلحقه ذلك بخسائر فادحة بلبنان ومؤسساته” .
وتشدد في هذا الإطار، الأوساط الخليجية، على أن “المسؤولين اللبنانيين مطالبون بأن يحزموا أمرهم، ويكفوا عن سياسة التعنت وفرض الشروط، لأنه ما عاد لبنان قادراً على تحمل المزيد من الانهيارات التي طالت كل شيء . ولم يعد هناك ما يطمئن في ظل تمدد الشغور إلى معظم المؤسسات. ما يستوجب التعامل مع هذا الوضع بأعلى درجات المسؤولية، وتهيئة المناخات التي تقود إلى إنجاز الاستحقاق الرئاسي في أيلول، ليستعيد لبنان عافيته، ويكون قادراً على مواجهة الاستحقاقات التي تنتظره على أكثر من صعيد”، محذرة من أن “حوار أيلول قد يكون الفرصة الأخيرة للبنانيين للخروج من هذا المأزق، وعندها سينهار الهيكل على رؤوس الجميع” .