Site icon IMLebanon

أيلول: مفاجآت غير سارة!

 

كلما اقترب موعد انتهاء العام 2018 والوضع السياسي على حاله من الجمود القاتل، كلما زاد منسوب القلق المالي والاقتصادي المرتبط بالاستحقاقات التي ستفرض نفسها بدءا من الخريف، الموعد المبدئي لانجاز موازنة 2019.

في 17 ايار 2018، تمّ إنجاز هندسة مالية بين وزارة المالية ومصرف لبنان نصّت على اتمام عملية Swap تُصدر بموجبها الوزارة سندات دين بالدولار تبلغ قيمتها الاجمالية 5.5 مليار دولار، يكتتب فيها مصرف لبنان بالكامل. في المقابل، تسترد وزارة المالية سندات دين بالليرة بالقيمة نفسها من محفظة مصرف لبنان. وفي مضمون الاتفاق تدفع وزارة المالية 1% فقط من اسعار الفوائد، بينما يتولى مصرفلبنان دفع الفارق والذي يبلغ في مجموعه 1,4 مليار دولار.

هذه العملية كانت تهدف الى امرين :

بالاضافة الى هذين الهدفين المباشرين، أمّنت العملية المزيد من الوقت للصمود، وأدّت الى زيادة نسبة الدين بالعملات من مجموع الدين العام من 38% الى 44%.

في عودة الى القلق المرتبط بمرور الوقت بلا معالجات، تبرز مخاوف من استحقاقات مالية مستجدة يمكن تلخيصها بالنقاط التالية:

1 – ارتفاع بنية اسعار الفوائد تعني ان اصدارات الدين الجديدة ستكون مرتفعة مقارنة مع الاصدارات السابقة.

2 – استمرار ارتفاع اسعار الفوائد على الدولار بقرارات متتالية يتخذها الفدرالي الأميركي ستزيد الضغوطات على اسعار الدين بالعملات.

3 – سيؤدي تخطّي اسعار الفوائد عملياً لأسعار الفائدة المرجعية في بيروت، الى استحالة إصدار سندات دين استنادا الى الفائدة المرجعية، وبالتالي، ستتجاوز كلفة الاقتراض السعر الرسمي المعتمد في السوق.

4 – هناك مخاوف مبرّرة من أن استمرار الوضع على ما هو عليه اليوم، قد يدفع مؤسسات التصنيف الدولية الى خفض تصنيف الديون السيادية للبنان. ومن المعروف ان تصنيف لبنان السيادي أصبح في مرحلة دقيقة، وهناك ايحاءات تمهيدية في التصنيفات القائمة تشير الى احتمالات خفض التصنيف، منها ان المؤسسات الدولية الثلاث المتخصصة في التصنيف تشير الى ان المخاطر في المدى البعيد (Long-term) أكبر من المخاطر في المدى القريب (Short-term). وللتذكير، تمنح Fitch Ratings و Standard and Poor›s لبنان درجة (B) للمدى القريب ودرجة (B-) للمدى البعيد.

5 – ان حجم الانفاق المطلوب في موازنة 2019 يتخطى بنسبة كبيرة ما أنفق في 2018. وسيتخطى حجم العجز الـ6 مليار دولار، بما سيؤدّي الى ضغوطات مالية كبيرة على المالية العامة.

لدى القاء نظرة على كلفة فوائد الدين العام، يتبيّن انها ارتفعت في ست سنوات من 5457 مليار ليرة (حوالي 3.6 مليار دولار) في العام 2012، الى 7521 مليار ليرة (حوالي 5 مليار دولار) في العام 2017. ووصلت الى 5.5 مليار دولار في 2018، وقد تصل الى 6.5 مليار دولار في 2019، بسبب ارتفاع اسعار المحروقات، واضافة كلفة سلسلة الرتب والرواتب، وتسديد مستحقات جرت جدولتها من 2018.

كل هذه النقاط تشكل نوعا من الاستحقاقات المقلقة، من دون احتساب المفاجآت غير السارة التي قد تواجه البلد قبل انتهاء العام 2019. واذا كان هناك إجماع على ان الوضع سيكون كارثيا على المستوى المالي، في حال لم يتمّ تشكيل الحكومة في العام الجاري، فان السؤال الذي يثير قلقا اضافيا، ماذا سيحصل مالياً واقتصادياً في حال تدهور الوضع السياسي اكثر من مجرد الجمود القائم على مستوى التشكيل.

وهناك تلميحات كثيرة تتعلق بشهر ايلول، فكيف سيكون الوضع، اذا كانت الوعود بالحسم تعني مواجهات اضافية، وانتقال الأزمة السياسية من حقبة الجمود والمراوحة الى حقبة الاضطرابات والمواجهات، فيكون الوضع قد انتقل عملياً من تحت الدلفة الى تحت المزراب. في هذه الظروف، قد يترحّم كثيرون على الوضع الحالي.