IMLebanon

ما بين تموز 2006 وأيلول 2024

 

ما بين حرب تموز 2006 وحرب أيلول 2024، نفق زمني أفقد “حزب الله” مكاسب السنوات الثماني عشرة ومفاعيلها، ليرسي معادلات جديدة مجهولة أُسسها ووسائل التعامل بها ومعها.

 

فحرب تموز أعطت “الحزب” فائض قوة كان يحتاجها بعد مرحلة الاغتيالات، لجهة تجويف أحكام المحكمة الدولية والحؤول دون تطبيق العدالة، ومكنته من التلاعب بالقرار 1701، الذي توسَّله ليحفظ ماء وجهه ويعلن “انتصاره الإلهي” ويعزّز جيشه وترسانته ويكدس صواريخه ويهدد بها.

 

 

 

بعد تموز 2006، سيطر “حزب الله” على لبنان من أقصاه إلى أقصاه وحوَّله مستعمرة إيرانية بامتياز، تحكَّم بقراره الوطني وبمفاصله السياسية والأمنية والاقتصادية، بحيث أصبح فراغ سدّة الرئاسة وتعطيل عمل مجلس النواب وتفجير مرفأ بيروت تفاصيل محتقرة في همّة المستكبرين المتعالين على باقي اللبنانيين، والقامعين المانعين لانتفاضة الرافضين هذا الاستعمار.

 

 

 

ولمَ لا، فحرب تموز 2006 حققت ربما ما لم يكن يحلم به مؤسس “الجمهورية الإسلامية” الإمام الخميني من توسيع لنفوذ إيران، واحتكارها قرار الحرب والسلم والتدخّل العسكري والأمني والمخابراتي في الإقليم لتتمدد حيث تفرض مصلحتها ذلك.

 

 

فالأعوام الماضية أظهرت أن إعلان “النصر الإلهي” كان على لبنان واللبنانيين، فقط لا غير. أمّا معادلة الردع بمواجهة إسرائيل، التي لطالما تغنّى “الحزب” بها، فسقطت بالأدلة الميدانية.

 

 

وبهذا السقوط تفاقم خوف “حزب الله”، ومن خلفه رأس محوره الذي يكثّف زيارة الموفدين إلى ساحة الخراب اللبنانية، من خسارة هذه المكتسبات مع تداعيات “عدوان أيلول” 2024.

 

 

لم تعد تنفع المكابرة، فقد أدى زج إيران “الحزب” في حرب مساندة غزة، إلى خسارته أمينه العام وكذلك كبار قادته ونائبه ورئيس وحدة ارتباطه وتنسيقه والعديد العديد من عناصره، وأدّى إلى تشريد لبنانيين كل ذنبهم أنهم ضحية الرهان على قدرات غيبية كفيلة بمحو العدو الإسرائيلي من الوجود.

 

 

فهذا العدو، استغلّ مشاغلة “الحزب”، كما استغل عملية “طوفان الأقصى” لفتح باب الإجرام على وسعه وهتك كل المواثيق والمعاهدات الدولية، ولم يوفر سبيلاً لينجز عملية إبادته كلّ من يقف في طريق مشاريعه الاستيطانية العدوانية.

 

 

 

وفي حين كان يفترض بـ”حزب الله” أن يتوقّع سلوك الشيطان الأصغر، الذي ألحق لبنان بغزة، ويعد عدته لمواجهته بما يكفل حماية اللبنانيين، وتحديداً بيئته الحاضنة، نراه يكتفي بتصريحاته العنترية ومواصلته عملياته العسكرية اليائسة وتخدير بيئته بالوعود والبطولات الوهمية، على أمل تغيير المعادلات وتوصّل المفاوضات إلى وقف لإطلاق النار، فقط ليتمكن من إعلان “انتصارٍ إلهيٍ” يسمح له بالحدّ من الخسارة ومواصلة تمكين رأس محوره من تنفيذ أجندته على حساب خراب لبنان ومصادرة سيادته ونسف اقتصاده وعلاقاته مع محيطه العربي الطبيعي.