ماذا بعد النقلة العسكرية النوعية في استراتيجية روسيا السورية؟ هل ما يحدث هو قلب الطاولة على كل الذين تآمروا كما يرى وزير الخارجية السوري وليد المعلم أم انه العمل لمنع أي طرف من قلب الطاولة على النظام؟ وأين يبدأ التنافس وينتهي التعاون بين اميركا وروسيا من حول طاولة الشراكة في ادارة النظام الاقليمي والنظام الدولي؟
الرئيس فلاديمير بوتين ليس لغزاً، كما يريد الغرب التصور. وأبسط طريقة لفهمه، في رأي خبير روسي، هي تذكّر المثل القائل: الأكل يزيد الشهية. ولعله يطبق مبدأ فلاديمير لينين القائل: اضرب الجدار بنعومة، فان كان صلباً تراجع، وان كان ليناً اضرب بقوة. فهو ادرك منذ البدء ما يمكن ان يذهب اليه الرئيس باراك اوباما الذي وضع حرب سوريا في اطار نزاعات لا تؤثر على المصالح الحيوية الاميركية. ولم يكن في حاجة الى تجارب كثيرة ليقرر نوع التحرك، وهو يسمع اوباما يقول نحن نعمل مثل ستزيف: نرفع الصخرة الى القمة بعض الشيء، ونحاول منعها من التدحرج علينا.
ذلك ان حسابات بوتين في سوريا كبيرة واهتمامات اوباما فرعية. وليس خارج المألوف ان يقود المغامر الذي يعرف ما يريد المتردد الذي يعرف ما لا يريد. والمسلسل طويل في حلقات رسم لها بوتين السيناريو واجاد اللعب فيها وزير الخارجية سيرغي لافروف مع وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون ثم مع الوزير جون كيري.
اذ في جنيف – ١ عام ٢٠١٢ كان لافروف هو الذي أصر على الغموض في البيان لجهة هيئة الحكم الانتقالي والصلاحيات التنفيذية الكاملة من دون اية اشارة الى مصير الرئيس بشار الاسد كما كانت تطلب هيلاري كلينتون. وحين رسم اوباما خطا احمر وحشد قوى لضرب النظام بعد مجزرة السلاح الكيماوي في الغوطة، فان بوتين هو الذي فتح له مخرجا للتراجع عبر صفقة التخلي عن السلاح الكيماوي في سوريا. وفي جنيف – ٢، فان لافروف وقف وراء الموقف الرسمي السوري الرافض للبحث في اي حل سياسي قبل القضاء على الارهاب، بحيث خرج كيري والائتلاف المعارض بلا شيء. وها هو كيري يقترب اكثر من موقف لافروف حيال مصير الأسد.
لكن السؤال في النهاية هو: هل دقت بالفعل ساعة القضاء على داعش؟ هل تستطيع موسكو انهاء التنظيم الارهابي بالقصف الجوي بعد كلامها على فشل القصف الجوي الاميركي، ام اننا عشية سيناريو اميركي – روسي للعمل على الارض؟ بعض الجواب عبر نظرة الى المواقع على الخارطة، وبعضه الآخر في خانة المجهول.