جاءت السلسلة بعد طول انتظار مخيبة للآمال، شأنها شأن سائر تطلعات اللبنانيين تجاه دولتهم والطبقة السياسية، فكما يتم تفصيل قانون الانتخاب ليناسب المقاسات الحالية، جاءت موارد تمويل السلسلة مراعية بعض المصالح، وضاربة كل ما يتعلق بلقمة عيش المواطن المسكين من خلال زيادات في الـTVA، والضرائب على أهم مستلزمات العيش، في ظل غياب الدعم الرسمي لأي منها، بدءاً بالكهرباء، مروراً بالمياه وصولاً إلى الخبز!
على العكس إن الإهمال المتفاقم والفساد المستشري على النحو غير المسبوق الذي يشهده لبنان اليوم، كلف المواطن أعباء طائلة إضافية دون تقديم أية تسهيلات، أو دعم أسوة بالدول التي تحترم مواطنيها.
إن مجلس النواب، الممدد لنفسه، والذي يسعى إلى تمديد جديد، خاصة بعد خضّة الضرائب هذه، لم يعد يمثل القاعدة الشعبية، بقدر ما يمثل الأحزاب والتيارات والطائفة بأفضل الأحوال، حيث يتاجر كل فريق بالشعارات دون أن يطرح خطة العمل الجدية لتأمين واردات الدولة، والتي لا بد أن تبدأ بمحاربة الفساد والهدر والرشاوى بالدرجة الأولى، قبل الانتقال إلى جيوب المواطن المسكين!
إن فرض الضرائب بالشكل الذي طرح وشبه غيابها عن التبغ والتنباك مثلاً هما أكبر دليل على سياسة مراعاة المصالح القائمة، في حين تستمر بازارات المناقصات الصورية وتوزيع الحصص وتقاسم المغانم، بما أنه لا حسيب ولا رقيب، والمواطن ممسوك من قبل قياداته التي خططت بشكل غيّبت فيه البدائل والخيارات الأخرى!
بعد كل ما سلف، يستغرب النواب، وتستنكر الطبقة السياسية ارتفاع أصوات الشباب خاصة، واللبناني عامة اعتراضاً على سياساتها الفاسدة والفاشلة معاً؟ صحيح ان المواطن يُعاني من عجز عن محاسبة السياسيين، إلا انه بات يعرف تماماً حقوقه، ومجالات التقصير الحاصلة، ومعايير المحسوبيات والاستزلام المتبعة، والتي باتت تفوق قدرته على تحملها وتستخف بعقله حتى يقبل بها… على انها «لمصلحته»!
كفى كذباً ودجلاً وليتحمل كلٌّ مسؤوليته، ولتُسَمَّ الأمور بأسمائها، ولو كان يعني هذا اقراراً بالعجز عن الخروج من دائرة الفساد، ولو مؤقتاً، حتى تطرح خطة واضحة لمحاربته بشكل نهائي..!
ولكن أن يتم استغفال اللبنانيين، والاستخفاف بعقولهم، وإقناعهم أن الضرائب هي لمصلحتهم.. فهي كذبة أكبر من أن تصدق وأخطر من أن يقرّ بها!