ما زالت عقارب الساعة الانتخابية بعيدة عن التطابق، ولو ان اعلان الرئيس نبيه بري، في مداخلة هاتفية، مع كوادر أمل في أوروبا، والمجتمعين في برلين، عن لقاء مساء أمس في بيروت، على قدر من الأهمية، أنعش الآمال بقرب الخروج من النفق.
رئيس المجلس بشّر بقانون نسبوي يحفظ حق المرأة بالترشح والمغترب بالانتخاب، ويبعد اللبنانيين عن الطائفية والمذهبية، وأضاف اليه النائب ابراهيم كنعان اعتماد الدوائر المتوسطة ومجلس الشيوخ، متحدثا، على غير عادة عن تواصل متواصل وآفاق مفتوحة.
من مجمل هذه المستجدات، يبدو ان النسبية شقّت طريقها الى الصيرورة، لكن، وكما هو معروف، فان للنسبية تفاصيل وتتمات، من حجم الدوائر الانتخابية الى الترتيبات السياسية والاقتصادية المواكبة، أو الملازمة لأي تفاهم انتخابي، تبدأ بالتعيينات وتنتهي بالمحاصصات في كل شاردة كهربائية أو واردة نفطية، على اختلاف أنواعها والمشتقات…
واذا كان الصيف عامل تحفيز لاطلاق المناقصات الكهربائية المكهربة للأجواء السياسية المتفلتة من عقالها، فان الخريف المقبل محطة موجبة لاقرار التلزيمات الخاصة بالبلوكات النفطية واعطائها القوة التنفيذية، بعدها تصبح الانتخابات من تحصيل الحاصل.
من هنا، تقلص الاهتمام بمصير الجلسة التشريعية التي كانت مقررة اليوم، وهدفها المعلن التصويت على اقتراح قانون التمديد المجلسي، للنائب نقولا فتوش، فبعد انزواء التأهيلي وانطواء التصويت في مجلس الوزراء، واقتراب المصالحة مع نسبية تسووية ترضي غالب الأطراف، يغدو التمديد بقعة من سراب.
لكن آلية تأجيل جلسة اليوم، تبقى مرتبطة بمقابل، يتمثل بتوقيع الرئيس عون على مرسوم فتح الدورة الاستثنائية لمجلس النواب، اعتبارا من الأول من حزيران، لاقرار قانون الانتخاب المفترض الاتفاق عليه، ولكن ثمة من يربط توقيع مرسوم الدورة، باعداد القانون المفترض فتح الدورة من أجله، وهذا ما لم يتبلور بعد.
والرئيس بري ينتظر ان يردّه شيئا من الحكومة، فيما الحكومة تنتظر توافق الفرقاء الممثلين فيها، ومن خارجها.
وحتى ظهر أمس، وتحديدا قبل الاجتماع المسائي الذي بشّر به رئيس المجلس، كان الجرش مستمرا بدون طحين…
مصادر رئاسة المجلس تحدثت يوم السبت، عن مهلة ٢٤ ساعة للرد على اقتراحه القائل بانتخاب مجلس نيابي مناصفة، ومن دون تحديد حصص المذاهب، وعلى أساس النسبية وعن ست دوائر قابلة للزيادة، بالتوازي مع مجلس شيوخ على أساس مذهبي ووفق النظام الأكثري، مع اعطائه بعض صلاحيات مجلس النواب في المسائل المصيرية والأحوال الشخصية، ويبدو ان الاجتماع المسائي الذي وصفه الرئيس بري بالهام، سيكون هذا الاقتراح طبقه الرئيسي، وإلاّ جرى سحبه من التداول…
ويبدو انه بقدر التباعد الظاهر على سطح الأحداث بين أمراء حكومة استعادة الثقة، بقدر ما تبدو التفاهمات متقاربة تحته، حيث تشير ايحاءات اللحظات الأخيرة الى ازالة الكثير من التحصينات الخارجية ضد الحلول الانتخابية، مع عودة المشاورات الى دائرة التفعيل، وبانتظار ان تحرّك مفاعيلها بعض القناعات الثابتة على الرفض.