IMLebanon

الجدّية

 

 

أول عمل قام به رئيس الحكومة بعد الثقة النيابية هو عقد اجتماع لممثلي الدول التي ساهمت في دعم لبنان في مؤتمر سيدر لضمان موافقتها على استمرار التزامها بهذا الدعم في مقابل التزام حكومته بالإصلاحات الداخلية المطلوبة، وحسب التصريح الذي أدلى به ممثّل البنك الدولي بعد هذا الاجتماع فإن مفاعيل «سيدر» ووعود الدول التي شاركت فيه ما زالت قائمة، مما يطمئن اللبنانيين إلى أن الأمور وضعت على السكة الصحيحة، وأن الحكومة العتيدة جادة بكل مكوناتها المتناقضة في الالتزام بتعهداتها التي تضمنها بيانها الوزاري، وانها جاءت إلى الحكم على خلفية العمل الجاد لاستعادة زمام المبادرة في إطلاق عجلة الإصلاح الحقيقية.

حسناً فعل رئيس الحكومة بإعطاء الأولوية لتثبيت ما وُعد به الجانب اللبناني من الدول المانحة على انعقاد مجلس الوزراء لإطلاق ورشة العمل الموعودة، لأن الأولوية هي لحصول لبنان على المساعدات الدولية لإطلاق ورشة البنى التحتية وتوفير فرص العمل لعشرات الألوف من الشباب اللبناني الذي يتسكع على أبواب السفارات العربية والأجنبية للحصول على بطاقة هجرة تؤمن له الحياة الكريمة في الخارج، وما فعله الرئيس الحريري يؤكد على جديته الكاملة الالتزام بالتعهدات والوعود التي أطلقها قبل تأليف الحكومة لشد القوى السياسية إليه وتشجيعها على تقديم بعض التنازلات لكسب الوقت وتشكيل حكومة جامعة تتحمل مسؤولياتها تجاه المجتمع الدولي الذي يحرص على هذا البلد، ولولا هذا الحرص لما أقدم على ما أقدم عليه في مؤتمر «سيدر» في وقت كانت البلاد من دون حكومة تلتزم بتعهداتها تجاه المجتمع الدولي.

ولكن الخطوة الثانية، وهي على مستوى الخطوة الأولى ان لم تكن أكثر أهمية منها، هي أن تكون الجلسة التي سيعقدها مجلس الوزراء غداً الخميس، كما أعلنت مصادر قصر بعبدا والسراي الحكومي الكبير، مثمرة لجهة وضع خطة عمل الحكومة وفق الأولويات الضرورية، بدءاً بإقرار مشروع قانون الموازنة العمومية على أن يتضمن تخفيضاً في النفقات لا يقل عن واحد بالمئة، إضافة إلى حل مشكلة الكهرباء التي تستنزف خزينة الدولة بما لا يقل سنوياً عن مئتي مليار ليرة على أن تتعهد بوضع القوانين اللازمة لمحاربة الفساد المستشري واجتثاثه من كل دوائر الدولة وشرايينها الحيوية، وهذا ليس بالأمر المستحيل بل يعتبر من الأمور الممكنة والسهلة طالما أن الجميع، ممن هم في الحكومة الحالية وممن هم خارجها، ملتزم بالشفافية الكاملة في إدارة دفة الحكم لا سيما لجهة وقف الفساد، كونه أشبه ما يكون بمرض الطاعون الذي انهك الدولة ووضعها تحت دين قارب المائة مليار دولار أميركي وأوقعها في عجز سنوي فاق السبعة مليارات دولار أميركي.

إن أمام الحكومة، كما بات معروفاً، تحديات كبيرة، والناس ما زالت تأمل في أن تكون على مستوى مواجهة هذه التحديات بثبات وعناد وباتفاق جميع مكونات الحكومة على الشفافية، وعلى وضع مصلحة الدولة فوق مصالح الأحزاب التي يمثلونها في الحكومة العتيدة.