IMLebanon

جلسة «أم أربعة وأربعين» لدغة موجعة في جسم الرئاسة

لم تختلف جلسة الرابعة والاربعين لإنتخاب رئيس للجمهورية أو»أم أربعة وأربعين»، كما سماها رئيس المجلس نبيه بري، عن سابقاتها من الجلسات سوى أنها جلسة زادت عدد لدغات الشلل في جسم المؤسسات الدستورية، نتيجة الفراغ المستشري في رأس الدولة أي الرئاسة الاولى منذ ما يزيد على عامين وثلاثة أشهر، والذي ضاعف من خسارة البلاد للمناعة المطلوبة في كيان الدولة ووضعها على حافة التلاشي والموت الحقيقي، بعدما إستقرت خلال فترة الحوار السابقة أي منذ نحو عام في حالة الموت السريري، فالنكسة التي أصابت طاولة الحوار في بداية الاسبوع يُخشى أن تصيب مجلس الوزراء اليوم، وترسخ التعطيل الحاصل في مجلس النواب في الايام المقبلة.

إذا لم تستطع جلسة الامس إحداث ثغرة في أزمة الشغور الرئاسي المستعصية، بعدما أقفلت أبواب الدخول الى حلول للملفات العالقة نتيجةَ غياب لغة الحوار بين الافرقاء، فكان أن أرجأ بري الجلسة الى الاربعاء 28 الحالي، لعدم إكتمال النصاب القانوني، بحيث لم يتجاوز عدد النواب 41 نائبا علما أن النصاب يتطلب 86 نائبا، في الوقت الذي بدا الجميع في حالة إنتظار وترقب، بعدما أظهرت الوقائع بأن إنتخاب رئيس بات صعبا بمبادرة لبنانية ذاتية، وإن لم تتحول إلى «مستحيلة« كما يرى عضو كتلة المستقبل النائب عمار حوري لـ«المستقبل»، لافتا «إلى أنه مهما طال الزمان أو قصر لا حل إلا بلبننة الإستحقاق، ومهما تمادى حزب الله وحلفاؤه بالتعطيل»، وهذا ما يوافق عليه عضو تكتل التغيير والاصلاح النائب سليم سلهب بالقول لـ«المستقبل»:»الظرف الخارجي لا يسمح بإنتخاب رئيس وعلينا أن نتكل على أنفسنا»، لكن هذا الاصرار يقابله تشاؤم من نواب آخرين بإمكانية إنتخاب رئيس في المدى المنظور، إذ يلفت عضو كتلة الكتائب النائب إيلي ماروني لـ «المستقبل»، إلى أنه «للأسف كل التطورات التي حصلت أخرجت الحل من أيدي اللبنانيين ،علما أنه ممكن إلا أن قسما من القوى السياسية في لبنان تنتظر الخارج». 

يوافق عضو كتلة اللقاء الديمقراطي النائب أنطوان سعد على كلام ماروني ، لكنه يسمي الامور بأسمائها فيقول لـ«المستقبل»، «لا رئيس في لبنان إلا بعد الحل في سوريا ، فحزب الله وإيران لا يريدان عون رئيسا للجمهورية ، ولن يسمحوا بإنتخاب رئيس إلا بعد ضمان مصالحهم الإقليمية»، من جهته يعتبر عضو كتلة التحرير والتنمية النائب عبد المجيد صالح «أن التوافق على رئيس للجمهورية وقانون للإنتخابات بات بعيد المنال، والرئيس بري ليس متفائلا بقرب الحل للمعضلة الحاصلة».

كل ما سبق يجعل السؤال مشروعا، عما يمكن أن يحمله الفراغ الرئاسي المصحوب بالتناكف السياسي إلى لبنان في المرحلة المقبلة، فيجيب حوري:» لا بد أن يصل الجميع إلى قناعة بضرورة إنتخاب رئيس لإنقاذ المؤسسات الدستورية في البلد، إذ لا حل إلا بلبننة الاستحقاق الرئاسي مهما طال الزمان ، ومهما إستمر المعطلون من حزب الله وحلفائه في تعطيل هذا الاستحقاق، وفي إنتظار ذلك البلد يناضل و يواجه المغامرات و المزاجية المتعلقة تارة بالميثاقية وتارة أخرى بحقوق المسيحيين». 

ويرى سعد أنه»على المنظور لا إنتخاب لرئيس جديد، بل علينا أن ننتظر حتى يترسخ الحل في سوريا، فحزب الله وإيران لا يريدون عون رئيسا ولا يتنازلون عن هذه الورقة إلا بعد ضمان مصالحهم الاقليمية، وفي ظل كل هذا الواقع لا بد للحكومة أن تستمر في عملها ، كما نأمل أن يدعو بري لإنعقاد طاولة الحوار مجددا لأنها تؤسس إلى المرحلة القادمة، وفي كل الاحوال لا أعتقد أن هناك هزات أمنية وإقتصادية كبرى ستصيب لبنان نتيجة إنفراط عقد الحوار لأن هناك غطاء إقليميا ودوليا يمنع ذلك». 

ويشدد سلهب على أنه «على جميع القوى السياسية أن تسلم بأن القوى الاقليمية والدولية غير مهتمة بالملف اللبناني، وبالتالي عليهم بالتحاور في ما بينهم بمعزل عن الخارج، لأن الظرف الخارجي لا يسمح بإنتخاب رئيس في الوقت الحالي، لذلك على اللبنانيين التعويل على إيجاد الحل بأنفسهم، وأن اي حل يمكن أن يأتي من الخارج لا بد من أن يستند إلى الحوار الداخلي بين الافرقاء، فلماذا لا نقوم بذلك لان البديل هو إنفراط عقد البلد ورمي الشعب اللبناني في المجهول».

على ضفة ماروني فإنه يرى «ان لبنان سيواجه في المرحلة المقبلة إلى مزيد من الازمات نتيجة الفراغ، وهذا ما سيظهر تباعا على الاداء الحكومي خصوصا بعد توقف الحوار والشلل الذي يصيب المجلس النيابي، وبالتالي أعتقد أن القيادات العسكرية ستواجه أزمات وتعقيدات عديدة، وهذا ما بشرنا به نائب الامين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم حين تساءل مؤخرا عما إذا كانت المرحلة المقبلة ستكون ملائمة لإجراء إنتخابات نيابية «. 

ويضيف:» كل التطورات التي حصلت تظهر أن الحل خرج من أيدي اللبنانيين، علما أنه كان يمكنهم إنتخاب رئيس دون وصاية من أحد، خصوصا أنه ليس هناك إهتمام دولي بلبنان، وبالتالي الامور مرهونة بوعي النواب المقاطعين، ولا أعتقد أن أحدا يهدد نواب كسروان مثلا ويمنعهم من النزول إلى مجلس النواب للقيام بواجبهم». 

يعتبر صالح أن «إنفراط عقد الحوار ودورة العنف السياسي التي حصلت بعدها أعاد الامور إلى المربع الاول، علما أنه شكل فرصة لإيجاد حل وصمام أمان لعمل احكومة، وأصبحنا اليوم أمام حقيقة لا يمكن نكرانها وهي أن إنتخاب رئيس في المدى المنظور والإتفاق على قانون للإنتخاب بات بعيد المنال». 

ويضيف:» الرئيس بري غير متفائل في المرحلة المقبلة خصوصا بعد استنزاف الوقت وفشل الحوار ونبش مواضيع قد تزعزع الاستقرار الحاصل، لذلك على الجميع التأمل بما جرته الحرب الاهلية علينا من نتائج، وعلينا أن نتجنب إثارة أي موضوع فتنوي وتحريضي يؤدي إلى الخروج عن السياق الامني المطلوب».