IMLebanon

ستريدا جعجع..بارقة أمل  

 

كلّ الظروف التي تحيط بلبنان وشعبه تجرّ الكثيرين إلى الكفر به كوطن،خصوصاً أنّ الأيام الحالكة تزداد عتمتها في لحظة وفوق معاناته الكبرى يفقد الشعب اللبناني مدّخراته وجنى عمره في سرقة جماعية موصوفة ترتكبها الدولة والمصارف بالتكافل والتضامن وعن سابق تصوّر وتصميم وتواطؤ، وسط السوداويّة المحيطة باللبنانيين على مستوى ثقتهم بالدولة جاء المؤتمر الصحافي للنائب السيدة ستريدا جعجع في معراب ليشكّل بارقة أمل تؤكّد ما ذهبنا إليه دائماً إلى كون المواطن اللبناني كلّما عصفت به الأزمات أدرك أمريْن اثنين لا غنى له عنهما الأوّل:هو عدم انتظار الدّولة السّلحفاتيّة الحركة والعرقوبيّة الوعود والثاني : يعيد التأكيد على أهميّة الأخذ بزمام المبادرة الفرديّة والنهوض بأعباء الناس.

 

بقدر ما يشكّل تاريخ 21 نيسان من العام 1994 علامة مؤلمة في ذاكرة كثير من اللبنانيين استوقفتنا في هذا الهامش على مدى أعوام كتبنا فيها عن نضال ستريدا وسمير جعجع منذ اختيار الحكيم النّظارة على الوزارة، بعدما رفع صوته مطالباً بتطبيق اتفاق الطائف الذي نص على انسحاب جيش الاحتلال السوري بعد عامين من توقيع الاتفاق، رافضاً أن يكون من ضمن الذين خانوا لبنان ووأدوا مجرّد الحديث عن اتفاق الطائف راضخين للاحتلال السوري منخرطين حتى آذانهم في منظومة الفساد والإفساد على مدى 15 عاماً، اختار”الحكيم”السّجن بظروف قاسية جدّاً مقترناً بنزاهة اليد ورفعة الرأس وتمسّكاً بحرية وسيادة لبنان على أراضيه،من واجبنا الوطني تذكير اللبنانيين بهذا التاريخ وأبعاده وأهميّته ومفصليّته في تاريخ لبنان،ولطالما شكّلت المرأة المناضلة ستريدا جعجع الوجه الآخر لهذا التاريخ وهذه السنوات بكلّ مراراتها وصمودها..

 

بالأمس، أرادت النائب السيدة ستريدا جعجع أن تفتح نوافذ الأمل في وجه اللبنانيين جميعاً وليس فقط للشمال اللبناني ولبشرّي وجوارها، ففي لحظة تنهار فيها الدولة اللبنانيّة بكلّ منظومة فسادها وإهمالها وتواطئها على المواطن اللبناني ، وصحّته واحدٌ من هذه الأبواب، شكّلت ستريدا جعجع في مؤتمرها الصحافي بالأمس بارقة أمل وشعلة نور في الليل اللبناني الحالك، كان يكفي أن تقول بالأمس “منذ الثمانينات، وأهلنا في قضاء بشري يحلمون بمستشفى ، وكان البعض منهم يموتون على الطرقات قبل أن يصلوا إلى أقرب مستشفى” حتى يدرك أي لبناني في أقاصي البقاع والجنوب، إنّ ما نهضت به ستريدا جعجع وفي هذه اللحظات العالمية المخيفة التي يتهالك فيها جبروت العالم والدول أمام وباء كورونا الذي يجتاحه مع ملاحظة مواجهة بلدة بشرّي تفشّي هذا الوباء بكل عزم وشفافيّة ونجحت في محاصرته وإنقاذ أرواح كثيرة من بين براثنه.

 

تعرف ستريدا جعجع قيمة الوقت وبدقّة شديدة نقول هذا الكلام، تعرف قيمته لأنّها اختارت بإيمان النضال سنوات طويلة مؤمنة أنّ هذا النّضال لا بدّ سيطرح ثمار الحريّة يوماً ما وقد حدث، بالأمس استوقفني قولها نحن موجودون هنا اليوم:”لأنّنا في حالة طوارىء قصوى بعد تفشّي فيروس كورونا بالشكل الذي تفشّى فيه، ولم يعد لدينا ترف إضاعة الوقت بانتظار دولةٍ تعمل أصلاً ببطء شديد في أحسن أحوالها”، فجاء قرارنائبا بشرّي بـ “الاتكال على أنفسنا وعلى الخيّرين وأصحاب الأيادي البيض” فقامت بجمع التبرعات اللازمة لإكمال المرحلة الأخيرة من بناء وتجهيز المستشفى الحكومي في بشري في ظروف الكون كلّه يواجه فيها تحديات هائلة لمواجهة الوباء..

 

تحيّة لستريدا جعجع المناضلة، التي وقع عليها قضاء النضال كجبال بشري الشاهقة ولولا إرادتها الصلبة لكانت هذه الجبال سحقتها، ولكنّها إمرأة مناضلة تضاهي قامات الأرز العتيق لا قامات الرّجال الرّجال فقط .