IMLebanon

تسوية لاصلاح التسوية

 

دخل الصحافيون الى القصر الجمهوري، أمس في حالات متفرّقة. بعضهم حضر باكرا. وبعضهم الآخر وصل متأخرا عن الموعد المضروب للجميع.

اعتقد الواصلون باكرا، أو متأخرا، ان رئيس الجمهورية تأخّر هو الآخر، لانجاز بيانه السياسي. بعد وقت قصير هدر صوت في الآفاق: فخامة الرئيس.

صمت الجميع بعد وقوف جليل، ثم قعدوا، والعيون شاخصة الى الرجل المهيب، وليس في يده شيء، إلاّ مهابته.

وزّع نظراته على الجميع، وفتح قلبه والصدر لسماع أسئلتهم، والاجابة عليها بروية وهدوء. طبعا دخل الرئيس ميشال عون في الموضوع، وهو انتظاره عودة الرئيس سعد الحريري الى بيروت.

كأنه تأخّر لأنه كان يتسقط أخبارا عن سبب عدم وصول الرئيس سعد الحريري الى القصر الجمهوري للافصاح عن أسباب تعثّر قدومه.

لكنه، أي رئيس الجمهورية، بقّ البحصة، وقال انه محجوز أو محتجز في السعودية.

ثمة عنصر كان يطفو على حديث رئيس البلاد، هو الدفاع عن صديقه سعد الحريري.

والسؤال الصعب على لسان القادمين الى بعبدا، هو المحتجز أو المحجوز مجرد تخمينات، أم انه مشروع خلاف داخلي، قد يتحوّل الى فتنة، على أنقاض تسوية اتفق خلالها قبل عام، على انتخاب العماد عون رئيسا للجمهورية.

وهل وصل الجميع، الى الموضوع المطروح: البحث عن تسوية جديدة لقيادة الحكم خلال المرحلة المقبلة.

رئيس الحكومة الغائب عن البلاد والعائد اليها بعد يومين أو ثلاثة، هل يعود ويوضح لرئيس البلاد أسباب تأخّره عن البلاد، أو مبررات بقائه الى حدّ الاعتقاد بوجود احتجاز.

أفصح رئيس الجمهورية لزواره، حرية الظنّ والشكوك، وأفصح لنفسه التشكيك في الأسباب الى حدّ اتهام الفريق الآخر بالنكوص في الوعود.

 

القصة باتت خطيرة.

وتتناول مستقبل وحدة الوطن وتركيبته السياسية.

هل تتم تسوية الاتفاق الذي حمل العماد عون والرئيس سعد الى جمهورية لبنان، أم ان البلاد بحاجة الى تسوية جديدة لتركيبة البلد، تقوده الى التوافق من دون الاكتفاء باتفاق عابر للقارات، في وطن مليء بالصعوبات والعقبات.

ربما، لا تكون التسوية وحدها كافية، لجعل وطن مؤلف من ثمانية عشر مذهبا، هو البلد القريب من الوحدة.

وهل يُسدل الستار، على عيوب النظام، وكل جزء فيه معرّض للسقوط عند أول أزمة.

في زمان الكبار من أمثال جمال عبدالناصر وجواهر لال نهرو وجوزيف بروز تيتو كانت الشعوب تعرف كيف تختلف وكيف تتفق.

أما اليوم فإن الأمور تبدّلت.

وما اتفق عليه عبدالناصر والجنرال دوايت ايزنهاور في العام ١٩٥٨، أنجز تسوية حملت فؤاد شهاب الى رئاسة الجمهورية.

والتسوية ترسّخت، وظلّ عبدالناصر مطلوبا للحكم قرابة ربع قرن، على رغم ان انقلابا عسكريا حاول الاطاحة به.

لكن التسوية الآن صعبة الاستمرار في عصر تحدق به خلافات حادّة مذهبية وسياسية.

هل البلاد بحاجة الآن الى تسوية لاصلاح التسوية؟ ربما نعم وربما لا. لكن التسوية مطلوبة.