IMLebanon

التسوية والعواقب على المسيحيين

ما نقل عن كواليس بعض المرشحين الموارنة الأقوياء بشأن التسوية المتاحة التي من شأنها أن توصل الوزير سليمان فرنجية إلى قصر بعبدا، بحسب مصادر دبلوماسية بارزة، لا يبشر بالخير وينذر بعواقب وخيمة على موقع رئاسة الجمهورية ودور وحضور المسيحيين في لبنان الذي لا يزال يتعاطى معه البعض غب طلب، وبحسب مصالحه الآنية والشخصية التي لا تمت بصلة إلى حقوق المسيحيين وإنصافهم من خلال عودة شراكتهم الوطنية الحقيقية في البلاد مع المسلمين، خصوصا أن بعض الكلام المتداول في أروقة وكواليس بعض القيادات المسيحية بشأن رفض وتعطيل تسوية انتخاب الوزير فرنجية يشبه، إلى حد الرفض الكيدي والتعطيل العبثي لإنتخابات رئاسة الجمهورية منذ حوالى 27 سنة حين اتفق الحكيم والجنرال على تعطيل انتخاب النائب مخايل الضاهر ليدخل المسيحيون بعد ذلك في نفق مظلم بدأ بحروب الإلغاء والتحرير ليأتي بعدها الطائف، وما تلاه من نفي للعماد عون ودخول للدكتور جعجع إلى أقبية السجون، فيما ترك المسيحيون لمصيرهم المشؤوم الذي ترتب عليه خلال الـ 25 سنة الماضية تهميش واحباط وتراجع وتقهقر للدور المسيحي الفاعل على الساحة السياسية وعلى مستوى الشراكة الحقيقية في صنع القرار وموقع السلطة والإدارة ضمن تركيبة النظام السياسي وضمن هرمية الدولة اللبنانية ومؤسساتها العامة على حد سواء.

المصادر الديبلوماسية عينها، حذرت بشدة من أي محاولة لنسف التسوية التي يجري العمل على اتمامها والتي شارفت على نهايتها، حيث سيتم بموجبها انهاء حالة الفراغ الرئاسي وعودة الانتظام إلى عمل مؤسسات الدولة التي تكاد تنهار، وذلك من خلال التوافق على انتخاب الوزير سليمان فرنجية رئيسا للجمهورية في أقرب وقت ممكن، مضيفة أن اسقاط هذه التسوية التي تحظى بدعم كافة الأطراف الدولية والإقليمية الفاعلة والمؤثرة بالملف اللبناني، يعني أخذ لبنان نحو الانهيار والاندثار على غرار ما جرى في أواخر الثمانينات حين قررت بعض القيادات اللبنانية وتحديدا المسيحية الذهاب نحو المغامرات القاتلة وغير المنطقية التي كانت عواقبها وخيمة وأضرارها فادحة على كل اللبنانين وعلى رأسهم وفي مقدمتهم المسيحيون، مشددة على أنه لا يجوز في هذه التسوية لأحد أن يزايد على حيثية الوزير فرنجية الوطنية والمسيحية والمارونية إلا اذا كان البعض مصرا على التعاطي مع هذه التسوية على قاعدة: لماذا هو وليس أنا؟ ولو كان ذلك على حساب خراب البصرة فوق رؤوس الجميع.

المصادر الدبلوماسية تؤكد أن ما سمعه كبار الديبلوماسيين من قبل بعض القيادات المسيحية بشأن انهاء حالة الشغور من خلال اقتناص الفرصة المحلية والإقليمية والدولية المتاحة لإنجاز الإستحقاق الرئاسي، زاد من قلق وهواجس هؤلاء الدبلوماسيين الكبار الذين كان لديهم استنتاج مشترك حول ما يمكن أن ينتظر اللبنانيين عموما والمسيحيين خصوصا من مآسٍ وويلات فيما لو أن هذه الذهنية المكبلة بالآنانية والشخصانية ستبقى المحور الأساسي الذي يقود دفة المباحثات الجارية بشأن التسوية التي لا بديل عنها سوى استمرار الفراغ الذي يهدد الساحة اللبنانية أكثر وأكثر بالانزلاق نحو الفوضى والفتنة في أي لحظة في هذه المرحلة البالغة الحساسية والخطورة في لبنان ومحيطه وجواره.

وشددت على أن الكلام الذي ينطلق به البعض لرفض التسوية هو كلام مرفوض ويتعارض جملة وتفصيلا مع حاجة البلاد إلى انتخاب رئيس جديد للجمهورية قادر على توفير المناخ الملائم الذي يساعد على توسيع مروحة التفاهم والتفهم بين كافة الأطراف وذلك بالحد الأدنى الذي يسمح بتخفيف حدة الأزمة وتجاوز المحنة، ومهما حاول البعض من خلال التفسيرات أو التوضيحات التخفيف من وطأة خطايا هذا الخطاب الرافض للتسوية على قاعدة أنا أو لا أحد في قصر بعبدا، فإن وقعه الخطير ما زال أشد تأثيراً على المناخ العام في البلاد من خلال معانيه الواضحة، التي تضرب بعرض الحائط مبدأ تداول السلطة وفق الأنظمة الديمقراطية حيث يتم انتخاب المرشح الذي يحظى بأوسع مروحة من التأييد وهذا ما ينطبق على المرشح القوي ضمن المعيار المسيحي سليمان فرنجية، حيث هناك مروحة واسعة من المؤيدين له في 14 آذار و8 آذار والوسطيين والمستقلين في حين أن بقية المرشحين الأقوياء كالعماد ميشال عون والدكتور سمير جعجع ليس هناك من توافق حولهما، بل على العكس فأن ترشحهما يشكل عند بعض القوى والمكونات الأساسية في لبنان نفورا ورفضا إلى حد وضع فيتو على اسميهما ما يمنع بشكل واضح على أرض الواقع أي فرصة لوصولهما إلى قصر بعبدا، ومع ذلك فانهما حتى هذه اللحظة لا يريدان الاعتراف بالواقع الذي تؤكد كل معطياته المحلية والإقليمية والدولية أن الوقت قد حان كي يتراجع كل من العماد عون والدكتور جعجع عن ترشحهما الإنتخابي افساحا في المجال أمام اتمام تسوية انتخاب النائب سليمان فرنجية رئيسا للبلاد.