Site icon IMLebanon

التسوية تنتظر عودة الحريري لمناقشة التفاصيل

تترقب الأوساط السياسية عودة الرئيس سعد الحريري بين يوم وآخر إلى بيروت لإطلاق دينامية تنفيذية لمبادرته بترشيح رئيس «تيار المردة» النائب سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية. ومن المنتظر أن يجري الحريري سلسلة لقاءات مع قادة القوى المسيحية لا سيما حزبي «الكتائب» و «القوات اللبنانية» المعترضين بشدة على الترشيح.

وبدا أنّ سبب الانزعاج لدى اكثرية الرافضين او المتحفّظين، يعود إلى طريقة طرح المبادرة وليس الى طبيعتها فقط، مع أنها لم تتحول بعد الى مشروع تسوية رسمية لعدم طرح الأمور التفصيلية ولا حتى العناوين العامة لها، سوى عنوان السلة المتكاملة للحل والتي تشمل قانون الانتخاب وشكل الحكومة وتفاصيل أخرى. لذلك لا يزال فرنجية، كما سواه من الأقطاب، ينتظرون أن يبادر الحريري الى طرح ترشيح فرنجية رسمياً ويبدأ محادثاته التفصيلية مع الأقطاب حول سبب طرح هذه المبادرة، ومن ثم عن تفاصيل تتعلق بسلة الحل.

ويؤكد المطلعون على موقف الحريري أنه فعلاً جاد في طرحه من باب ضرورة التوصل الى حلول مقبولة للأزمات التي تعصف بالبلاد وقناعته بعدم تمكن أي طرف من إلغاء الطرف الآخر، وأن التعايش بين الطرفين هو قدر لا بد منه للجميع، وأنه سيطرح كل المسائل للبحث فور عودته. لكن العُقد المطروحة كثيرة ومنها عدم توافق المسيحيين، وخاصة زعماء الموارنة، على مرشح واحد وبرنامج واحد.

يؤكّد المتابعون للاتصالات الجارية أن بعض الاعتراضات شكلية وبعضها عالي السقف من باب فتح الباب للتفاوض والمناورة، وبعضها تعجيزي من باب تعطيل أي مبادرة لا تنسجم مع تطلعات وخطط التعجيزيين. وإذ تطرح «الكتائب» ما تسميه شروطاً تتطلب «تطمينات» للموافقة على فرنجية، منها «علاقته بالرئيس السوري بشار الأسد وموضوع سلاح حزب الله ومشاركته في الحرب في سوريا، ودور الدولة وتحييد لبنان عن صراعات المنطقة»، يرى المتابعون أن «الكتائب» طرحت أسئلة تحتاج أجوبة لا شروطاً، وهذا حق لها لا ينكره أحد.

أمّا موقف «القوات اللبنانية» فيبدو أكثر حدة لسببين: الأول يتعلق بعلاقة «القوات» المتوترة بفرنجية، والثاني يتعلق بالعلاقة مع سعد الحريري. وتتوقف الأوساط المتابعة عند موقف نائب «القوات» أنطوان زهرا أمس الأول، الذي رأى أن «ملف رئاسة الجمهورية ليست شأناً مسيحياً فقط، ولكن بكلامنا لا نقصد أن يكون شأناً إسلامياً وتتبلغ به الجهات المسيحية، وهناك شيء ما يُطبخ، والرئيس الحريري لم يتشاور معنا ولا مع غيرنا». بالإضافة إلى إشارته أنّه «عندما نصل إلى المفاضلة يكون للنائب ميشال عون الأولوية»، مع أنه قال قبل يومين من موقفه هذا: «إذا سار وليد جنبلاط وفريق 8 آذار بخيار فرنجية كمرشح، سنكمل النصاب ولن نعطل».

في المقابل، يرى بعض المتابعين أنّ مبادرة الحريري قد تشكل خطراً على طرفي فريقي «8 و14 آذار»، إذ إنّها قد تبرز الخلاف بين الفريق الواحد، بدليل كلام مسؤولي «القوات» وسواها من قيادات في «14 آذار»عن مبادرة الحريري.

في المقابل، تؤكد أوساط «المردة» أن فرنجية لن يقع في مثل هذا الفخ، وأنه يحرص على علاقته بحلفائه بقدر حرصه على التعاطي الجدي مع مبادرة الحريري. لذلك هو يقول إن «العماد ميشال عون لا زال مرشح فريقنا للرئاسة حتى تتحول مبادرة الحريري الى تسوية فعلية رسمياً، وساعتها نبني على الشيء مقتضاه».

وثمّة من يذهب أبعد من ذلك بالاعتقاد أن مبادرة الحريري قد تفرط عقد فريقي «8 و14 آذار» تمهيداً لخلق تحالفات جديدة بين قوى إسلامية ومسيحية، تشكل أكثرية واسعة تستطيع أن تفرض موقفها.

ومع اعتماد «الغموض البنَّاء»، كما تسميه أوساط «المردة»، وعدم اتضاح حقيقة المواقف وأهدافها للأطراف الأخرى، يبقى كل الكلام مجرد تكهنات وتحليلات ومناورات، بانتظار اللقاء الرسمي بين الحريري وبين فرنجية، وبين الحريري وبين سائر الأقطاب الآخرين.