تنطلق بعد أيام معدودة الجلسة التشريعية لمناقشة القوانين الثلاثة التي أرسلتها الحكومة إلى مجلس النواب والمتعلقة بتمويل سلسلة الرتب والرواتب وتعديلاتها الضريبية وسط أجواء إيجابية تجعل الحكومة تطمئن إلى أن الأكثرية النيابية أصبحت مضمونة لصالح التصويت على هذه المشاريع بالرغم من وجود بعض الأصوات المعارضة لها.
وبالانتهاء من هذا الملف الذي ألهب الشارع تكون الحكومة وفت بوعدها وتعهداتها بإقرار سلسلة الرتب والرواتب لموظفي القطاع العام والمعلمين والعمال، وأضافت إنجازاً آخر على إنجازات أخرى كثيرة ليس أولها الموازنة العامة التي عجزت كل الحكومات السابقة التي توالت على الحكم على مدى أكثر من تسع سنوات عن وضعها مما أدى إلى غياب قطع الحساب والصرف على أساس القاعدة الاثنى عشرية الأمر الذي يُشكّل مخالفة واضحة للدستور.
والحديث عن إنجازات الحكومة، يجرّ إلى التذكير بقانون الانتخابات الذي أخذ جدلاً مجلسياً طويلاً قبل أن يصبح نافذاً في عهد حكومة استعادة الثقة، وهذا كلّه ما كان ليتحقق لولا التعاون الثابت بين الرئاستين الأولى والثالثة والتقاءهم على النظرية التي تقول اتفقنا على أن نتفق وليس على أن لا نتفق، وأفضل الأدلة على ذلك التشكيلات القضائية التي صدرت بعد أكثر من خمس سنوات، وان كانت الدفة فيها رجحت لمصلحة العهد على حساب مصالح باقي الحلفاء من تيّار المستقبل الى القوات اللبنانية التي لم تخف انزعاجها مما حصل، فيما ظل التيار صامتاً بانتظار ما سيصدر عن كتلته النيابية في اجتماعها يوم الثلاثاء المقبل، بحيث اعتاد الرأي العام اللبناني على أن تصدر عنها مواقف متمايزة وأحياناً إلى حد فاقع عن مواقف رئيس التيار.
المهم أن السلسلة ستمر يوم الاثنين المقبل، وستليها الموازنة العامة، والاتفاق على مخرج مقبول لمشكلة قطع الحساب، وبذلك تكون الحكومة التي تمتلك أكثرية داخل مجلس النواب قد نجحت في تجاوز كل المطبات أمامها، واستعادت المبادرة لاستكمال ما تبقى من التشكيلات والتعيينات الإدارية على ذات المبادئ التي أتبعت في التشكيلات القضائية والتي أثارت عاصفة من الاستهجان وحتى الاستنكار لا سيما وانها استهدفت القضاة الذين كان لهم دور ريادي في إنشاء المحكمة الدولية لمحاكمة الذين اغتالوا الرئيس الشهيد رفيق الحريري والذين خططوا لارتكاب هذه الجريمة الشنعاء، وقد طاول الاقصاء المتعمد القضاة أولاً، وهذا الأمر لا يترك أي التباس بأنه متعمد ومقصود.
على كل حال، ومهما بلغت الملابسات التي رافقت التشكيلات القضائية والتي يراهن الكثيرون على انها ستتجدّد في التشكيلات اللاحقة، بناء على حسابات خاصة، فإن الحكومة باقية على تماسكها إلى ما بعد الانتخابات النيابية التي ستجري في أيار من العام المقبل لأنها تستند إلى تسوية صامدة بين الرئاسات.