حذّرت مصادر نيابية مطّلعة، من خطورة إسقاط المبادرة الرئاسية الحالية، معتبرة أن الظروف الداخلية لا تسمح بإطلاق أي مبادرات مشابهة في المدى المنظور لملء الفراغ في سدّة الرئاسة الأولى، ولفتت إلى أن التأييد الواسع والترحيب اللافت الذي برز خلال الأسابيع الثلاثة الأخيرة لما طرحه الرئيس سعد الحريري لجهة ترشيح النائب سليمان فرنجية، يكشف بوضوح عن مدى الحاجة الشعبية قبل السياسية لإنهاء حالة الشغور الرئاسي الشاذّة، وإعادة تفعيل المؤسّسات الرسمية، في ظل وجود رئيس جديد للجمهورية. وقالت هذه المصادر، ان المواقف الخارجية التي أبدت بدورها تشجيعاً ملحوظاً لهذه المبادرة، وبشكل خاص واشنطن وباريس، اللتان عبّرتا بوضوح من خلال الاتصال الهاتفي للرئيس فرانسوا هولاند بالنائب فرنجية، وعبر تحرّكات القائم بالأعمال الأميركي السفير ريتشارد جونز، باتجاه القيادات السياسية وتكراره الإعلان بأن الوقت مناسب لملء الفراغ الرئاسي، هي كإشارات واضحة على أن التوقيت الملائم قد لا يتكرّر في المدى المنظور، ولفتت في هذا المجال إلى التحذير الأميركي بالأمس من خطورة الوضع الأمني، مشيرة إلى أن ظروف المنطقة من الممكن أن تشهد تطوّرات دراماتيكية خطرة تطيح بكل المناخات الداخلية التي تسمح بتسوية، ولو بالحدّ الأدنى، بين الفرقاء السياسيين لإخراج لبنان من حال الشلل العام.
وبصرف النظر عن تجميد هذه التسوية، أو حتى سحبها من التداول في الوقت الراهن، فإن المصادر نفسها، حذّرت من حجم التعقيدات الكبيرة التي ستعترض أي تسوية مشابهة، وذلك بعدما أصبحت الكرة في ملعب فريق 8 آذار.
وكشفت المصادر النيابية نفسها، أن عودة الأمور على مستوى المشاورات إلى المربّع الأول، وحصر القرار لدى قيادة 8 آذار، قد جعل من المبادرة مجرّد اقتراح توافقي طرحه الرئيس الحريري ولاقاه إلى منتصف الطريق فيه النائب فرنجية، وبالتالي، لم تعد المعارضة تقتصر فقط على «القوات اللبنانية» و«التيار الوطني الحر» وحزب «الكتائب». وأشارت إلى أن الفرصة المقبلة المتمثّلة بدعوة البطريرك بشارة الراعي القادة الموارنة الأربعة إلى لقاء يعقد في بكركي الأسبوع المقبل، قد تؤمّن في حال حصولها، دفعاً جديداً للتسوية الرئاسية، وذلك فيما لو اتفق هؤلاء الأقطاب برعاية بكركي على السير بالتسوية الوحيدة المتاحة راهناً. وإذ اعتبرت المصادر أن الحظوظ بحصول هذا التوافق لا تتجاوز نسبة الخمسين في المئة مقابل حظوظ الانقسام، التي ما زالت مرتفعة، فقد راهنت المصادر على عمل ديبلوماسي سرّي في الكواليس قد يؤدي إلى تغيير الأولويات لدى القادة الموارنة، خاصة أن البطريرك الراعي يفضّل استغلال الفرصة السانحة اليوم دولياً وإقليمياً، وذلك قبل أن تنهار المؤسّسات الدستورية، في ظل حال الشلل المستشري. وبالتالي، فإن الجهود التسووية لن تتوقّف، وذلك بهدف استيعاب الاعتراضات المسيحية أو التخفيف منها، في الوقت الذي تبدو فيه كل المشاورات داخل فريق الثامن من آذار مؤجّلة إلى ما بعد 21 من الجاري، أي بعد انعقاد جلسة الحوار الوطني المقبلة، حيث ستتّضح الصورة النهائية لمصير التسوية الرئاسية التي حوصرت بالاعتراضات والانتقادات.