Site icon IMLebanon

تسوية للمراسيم تنقذ مجلس الوزراء لا كسر لسلام أو لعون ولا إسقاط للحكومة

تكتسب جلسة مجلس الوزراء المقررة اليوم أهمية قصوى، لا بل مصيرية بما أنها ستحسم مصير الحكومة بعدما ضاقت الخيارات المتاحة أمام رئيسها في ظل التهديدات التي تتعرض لها عبر تحريك الشارع في وجهها أو نتيجة الاعتراضات الجازمة لوزراء التيار الوطني الحر والى جانبهم وزيرا “حزب الله” على البحث في أي موضوع على طاولة مجلس الوزراء قبل بت آلية العمل الحكومي.

لم يكن انسحاب وزراء “التيار” والحزب والطاشناق من الجلسة الاستثنائية للمجلس الثلثاء الماضي رفضا لنتيجة مناقصة النفايات، ولا رفضاً لاحالة نحو 70 مرسوماً على النشر بتوقيع 18 وزيرا فقط، وان يكن هذا الامر شكل الحيز الاكبر من الاستياء، وكان الشعرة التي قصمت ظهر البعير، وانما بسبب تجاوز رئيس الحكومة مبدأ الشركة الذي يحكم الحكومة السلامية الائتلافية. اذ عمد سلام، بحسب قراءة اوساط الفريق المنسحب الى تجاوز هذا الفريق عبر لجوئه الى خطوتين استفزازيتين: أولهما الدعوة الى جلسة لمجلس الوزراء مقرونة بجدول اعمال عادي من 39 بندا، متجاوزا بذلك المطلب العوني المدعوم بقوة من الحزب والداعي الى عدم بت اي بند مهما علا شأنه أو اولويته قبل بت مسألة آلية العمل الحكومية.

اما الخطوة الثانية فكانت استباقية بحيث عمد سلام الى احالة نحو 70 مرسوما كان وقعها 18 وزيرا وامتنع عن توقيعها وزراء عون والحزب و”تيار المردة” والطاشناق. وقام الوزير علي حسن خليل بوصفه وزيرا للمال باحالتها للنشر في الجريدة الرسمية.

وفي حين أثار انسحاب وزراء تحالف 8 آذار من الجلسة الاخيرة للحكومة مخاوف من انفجار جلسة اليوم، خصوصا أن الجلسة مقررة للبحث في جدول أعمال عادي بما فيه ملف النفايات، فقد تسارعت الاتصالات منذ انتهاء الجلسة من أجل احتواء اي تداعيات سلبية محتملة لهذا الانسحاب على الوضع الحكومي المهتز أساسا على وقع ضربات يومية من الشارع، فضلا عن وقع ملفات متراكمة تعجز الحكومة عن معالجتها وتسييرها، وتنذر بمخاطر مالية واقتصادية جسيمة لا يحسب المعترضون لها حسابا ضمن أجندتهم السياسية.

يقود هذه الاتصالات كل من رئيس المجلس نبيه بري والنائب وليد جنبلاط مع الرئيس تمام سلام والعماد ميشال عون وقيادات الحزب من أجل ايجاد تسوية تضمن مخرجا لائقاً لمسألة الشركة في الحكم ومقاربة العمل الحكومي. وبدا تأجيل العماد عون مؤتمره الصحافي مؤشرا واضحا لافساح المجال امام التسوية لتسلك طريقها والا فالعودة الى التصعيد الجمعة.

ليس الوضع الحكومي موضع التسوية بما أن معادلة الحزب واضحة في الشأن الحكومي: ممنوع كسر عون ولكن ممنوع اسقاط الحكومة. ولعل هذا ما يفسر اندفاع رئيس المجلس في تمايز موقفه عن موقف الحزب لجهة دعم الحكومة وتوقيع قراراتها وقيادة تسوية تجنبها السقوط.

وعليه، فان التسوية تقضي بعدم احراج عون في مطلبه مقابل عدم احراج رئيس الحكومة في ممارسته لصلاحياته في وضع جدول أعمال وطرحه للنقاش. وكان سلام واضحا في الجلسة عندما رد على الوزراء المعترضين، بقوله إن احالته للمراسيم ليس بهدف التجاوز بل لتسيير شؤون الناس بما أن غالبية تلك المراسيم تعود الى أمور حياتية. ولذلك، فان التسوية المتعلقة بالمراسيم تقضي بأن يعاد النظر فيها من خلال سحبها، على ان يجري اعتماد ما ينص عليه الدستور في شأنها. ووفق المعلومات المتوافرة لـ”النهار”، ستتم تجزئة هذه المراسيم تبعاً لتصنيفها. اذ ان المراسيم العادية لا تحتاج الى توقيع 24 وزيرا لأنها ليست أمور ذات طابع وطني أو ميثاقي أو تتطلب اجماعاً. أما المراسيم غير العادية فتعاد الى المجلس لاعادة درسها تمهيدا لتوقيع كل الوزراء عليها لتصبح نافذة.

والواقع أن مرسوم ترقية الضباط الوارد ضمن المراسيم الموقعة يتطلب توقيع 24 وزيرا بوكالتهم عن رئيس الجمهورية.

لم تكن نية سلام من وراء نشر المراسيم التصعيد او الاستفزاز كما تشرح مصادر وزارية قريبة من رئيس الحكومة، مضيفة ان ثمة أكثر من دافع وراء الإجراء المتخذ من رئيس الحكومة، أولها أن سلام آثر منذ توقيع هذه المراسيم التي يعود تاريخها الى شهر تموز الماضي التريث في انتظار استكمال تواقيع الوزراء أو اعلان اعتراضهم عليها بموجب وكالتهم بممارسة صلاحيات رئيس الجمهورية، والمهلة التي لحظها الدستور للرئيس لرد المراسيم هي اسبوعان والا تصبح نافذة. وهذه هي الحال التي آلت اليها المراسيم.

اما السبب الثاني فيتعلق بحرص لدى رئيس الحكومة والى جانبه مجموعة من الوزراء على ألا يتزامن التمديد العسكري مع صدور مراسيم ترقيات ضباط منعا لأي حساسية يمكن ان يثيرها مثل هذا التزامن. لكن الامر حصل خصوصا ان مطلب عون رفع سن التقاعد لا يلقى تجاوبا، كما ترقية بعض الضباط الى رتبة لواء لمنع تسريحهم (من أجل تأجيل تسريح العميد شامل روكز).

اما السبب الثالث فهو تأكيد جدية رئيس الحكومة في تطبيق الدستور في ما يتعلق بصلاحيات الرئاسة وآلية ممارسة مجلس الوزراء لها، وهو أعطى بمبادرته هذه اشارة الى جديته في ممارسة مجلس الوزراء دوره وصلاحياته.