Site icon IMLebanon

تسوية ملف النزوح والضوابط الدولية أولوية رئاسية مُلحّة

    تزامن مريب بين الحملة على الجيش والدعوة إلى عودة النازحين

تحمل عملية تحرير الموصل من تنظيم «داعش» دلالات بداية أفول فصل من فصول الإرهاب الذي يقضّ مضاجع العالم، وخصوصا في أثر الأزمة السورية. فبعد ستّ سنوات على اندلاع الحرب في سوريا، وما تلا ذلك من سيطرة تنظيم داعش على الموصل في العام 2014، وهي أحد أكبر المحافظات العراقية، تمكّن الجيش العراقي من تحرير المدينة التي اتخذها التنظيم مركزا له لإعلان دولة الخلافة ومقرّا لزعيمه أبو بكر البغدادي.

وما يعزّز أفول واحد من أدمى وأخطر فصول الإرهاب، تزامن إعلان الموصل مدينة مُحرّرة مع اتفاق خفض التوتر في جنوب غرب سوريا، وما أدّى إليه من وقف لإطلاق النار طالبت إيران بتوسعته، تزامنا مع انطلاق الجولة السابعة من مفاوضات السلام في جنيف.

وإذا كانت هذه التطوّرات لا تشي بإنتهاء الحروب، إلا أنّها تشكّل، بحسب مراقبين، خطوات جبّارة باتجاه مرحلة ما بعد «داعش»، ويمكن أنّ تمثّل مدماكا في مسيرة تسوية النزاعات لا سيما في سوريا، التي كرّس الاتفاق الأميركي- الروسي على وقف إطلاق النار في جنوبها أساسا لتقاسم النفوذ بين الجانبين. ويضع المراقبون أنفسهم دعوة إيران إلى توسيع نطاق هذا الهدوء ليشمل مساحة أكبر من البلاد، في سياق مطالبة ضمنية بدور أكبر لها في هذا الاتفاق، يُترجم في الميدان أوّلا، وفي السياسة ثانيا حول طاولة المفاوضات.

ويضيف هؤلاء أنّ الوضع الراهن في سوريا والعراق هو نتاج صورة أوسع تجتمع فيها واشنطن وموسكو على أسس تفاهم فُصّلت عناوينه في الاجتماع الذي عُقد في هامبورغ ليل الجمعة الماضي بين الرئيسين الاميركي دونالد ترامب والروسي فلاديمير بوتين الذي تمكّن من انتزاع تفويض من نظيره الأميركي بإدارة ملفّ الأزمة السورية شرط منع اي نفوذ عسكري أو سياسي لإيران مستقبلا في بلاد الشام، الأمر الذي استشعرته طهران بعد قمّة هامبورغ، فكان أن طالبت بتوسيع نطاق اتفاق التهدئة.

وسط هذه الأجواء التي تعزّز اتجاه مسار التسوية وتضيّق الخناق على تنظيم داعش، يستمرّ الجيش اللبناني في عمليّاته الاستباقية في جرود عرسال في حلقة مُتتالية الفصول يبدو جليّا أنها لن تتوقّف، لا سيما بعد تأكيد رئيس الحكومة سعد الحريري أنّ الجيش لا تشوبه شائبة والدعم السياسي له غير مشروط، وبالاستناد الى أنّ اعترافات موقوفي عرسال أكدت ضلوعهم في أعمال إرهابية ضد الجيش. وكان لافتا للمراقبين أن تتزامن الحملة السياسية – الإعلامية على الجيش مع السجال الواسع في الداخل حول مسألة النازحين وضرورة إعادتهم الى مناطق آمنة في سوريا، سواء من بوابة الحوار مع النظام أو من عدمه.

في هذا الإطار، ترى مصادر مُتابعة لهذا الملفّ أنّ النقاش الدائر حاليا هو نقاش إيجابي رغم انقسام المواقف بين داعم ورافض، لأنّ هذا الأمر سيقود في النهاية الى حسم الأمور في اتجاه أو بآخر ولو استلزم ذلك مزيدا من الوقت.

وتلفت المصادر نفسها الى أنه في ضوء التجاوزات التي تقوم بها بعض المجموعات المؤيدة للفكر الإرهابي والمتغلغلة بين النازحين في مخيماتهم أو في أماكن سكنهم، والتي أشار أمس الى خطورتها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وألمح الى أنها المرحلة الثانية من الحرب على الإرهاب، وفي ضوء إزدياد الأعباء السياسية والإقتصادية والإجتماعية والأمنية والبنيوية الناتجة عن النزوح، صار لزاما طرح هذه المسألة بالجدية اللازمة توصّلاً الى حلول لو مرحلية، أو على الأقل التمثّل بالتجربة الأردنية على سبيل المثال والتي أثبتت نجاحها وخصوصا على مستوى فرض الضوابط على المجتمع الدولي، هذه الضوابط التي حمتْ الى الآن الأردن من مخاطر كثيرة كامنة في ملف النزوح، وخصوصا على المستويين الإقتصادي – الإجتماعي والسيادي – الأمني، وليس أقلها تأمين المعاملة المتساوية بين اللاجئ والمضيف (أي مساعدة الى الأول تحتّم تقديم مساعدة مساوية الى الثاني).