IMLebanon

التسوية لاحداث قبرشمون: تسليم المطلوبين مقابل احالتها الى المجلس العسكري

 

لوّح كلّ من رئيس الحزب التقدّمي الإشتراكي وليد جنبلاط ورئيس حزب «القوّات اللبنانية» سمير جعجع بالإستقالة من الحكومة الحالية على خلفية رفض إحالة جريمة قبرشمون الى المجلس العدلي التي يجب أن يصدر مرسوم حكومي بإحالتها اليه. ويتطلّب هذا الأخير إنعقاد مجلس الوزراء أولاً بنصاب ثلثي الأعضاء، ثمّ التصويت على الإقتراح بالأكثرية أي بالنصف زائد واحد. ولأنّ القضية سياسية أكثر منها قانونية، وقد قسمت الوزراء في الحكومة مجدّداً الى فريقين، الأول مؤيّد للإحالة والثاني معارض لها، فإنّ التهديد بتعطيل العمل الحكومي من قبل الفريق الأول من خلال عدم اكتمال النصاب، قابله التلويح من الفريق الثاني بالإستقالة من الحكومة، ما يطيّرها برمّتها. ولهذا لم يعقد مجلس الوزراء أي جلسة وزارية هذا الأسبوع، بعد أن تمّ تأجيل الجلسة السابقة لعدم اكتمال النصاب بفعل اعتكاف وزراء «تكتّل لبنان القوي» وحلفائهم عن حضور الجلسة. ورغم إشاعة الأجواء الإيجابية من قبل الوسطاء في حادثة قبرشمون، إلاّ أنّه لم يتأكّد حتى الآن انعقاد مجلس الوزراء الأسبوع المقبل، خصوصاً بعدما دعا الرئيس برّي الى عقد جلسات لمناقشة الموازنة العامة في مجلس النوّاب على مدى ثلاثة أيّام بدءاً من يوم الثلاثاء المقبل.

 

ولهذا لن يكون هناك جلسة لمجلس الوزراء الأسبوع المقبل على الأرجح، لا قبل ولا بعد جلسات مناقشة الموازنة في البرلمان، على ما أشارت مصادر سياسية عليمة، نظراً لإيلاء الأولوية لهذا الأمر من قبل جميع الأطراف، في ظلّ مراقبة المجتمع الدولي والإتحاد الأوروبي والدول المانحة لأداء الحكومة.. من هنا، أكّدت بأنّ تلويح كلاً من جنبلاط وجعجع بالإستفالة من الحكومة ليس سوى مجرّد تهويل ومناورة لقبول فريق باسيل- إرسلان- الغريب- «حزب الله» بإخراج القضية من مجلس الوزراء الى المجلس العسكري ربما، على ما يقترح الرئيس بّري، أو أي قضاء آخر للبتّ بها بدلاً من جعلها سبباً رئيسياً لتعطيل عمل الحكومة.

 

غير أنّها أوضحت في السياق نفسه، بأنّ إصرار إرسلان وفريقه السياسي على المجلس العدلي سيما وأنّه أعلن بأنّ «موقفنا واضح، والمجلس العدلي هو الأساس، مشدّداً على أنّ «محاولة اغتيال الوزير الغريب لن تمرّ وهذا عمل المجلس العدلي الطبيعي والمنطقي للسلوك الصحيح في التحقيقات»، يجعل تلويح جنبلاط وجعجع بالاستقالة اقتراحاً وارداً، سيما إذا لم يتمّ التوصّل الى التوافق على اقتراح تسووي بين الفريقين. علماً بأنّ كلاً من جنبلاط وجعجع ليسا جديين بمسألة الإستقالة حالياً من الحكومة، بل يُناوران سيما وأنّ كلّ منهما يقوم بحساباته الخاصة الداخلية ويخشى من تعطيل عمل وزرائه الحاليين بفعل استقالة الحكومة.

 

أمّا الرئيس برّي رغم أنّه حليف الفريق الأول، فيرى بأنّ الإحالة الى المجلس العدلي لا جدوى منها، سيما وأنّ الجرائم والتفجيرات الأمنية والإغتيالات السياسية التي أحيلت اليه سابقاً من اغتيال كلّاً من النائبين معروف ومصطفى سعد، والزعيم كمال جنبلاط والرئيس بشير الجميّل والرئيس رينيه معوّض وداني شمعون وعائلته وطوني فرنجية وزوجته وطفلته والوزير إيلي حبيقة وتغييب الإمام موسى الصدر ورفيقيه ورئيسي الحكومة رشيد كرامي رفيق الحريري وسواهم، لم يُبت بها سريعاً، حتى أنّ بعضها لم تصدر الأحكام النهائية بشأنها إلاّ بعد عقود. ولهذا اقترح برّي على حلفائه السياسيين الموافقة على إحالة جريمة قبرشمون الى المجلس العسكري الذي يُعتبر أسرع في بتّ الأحكام من الأخير، سيما وأنّ فريقه السياسي أكثر ما يريده هو سوق المرتكبين فوراً الى العدالة ومعاقبتهم، وبذلك لا يتمّ «اللعب بدمّ الأبرياء»، على ما يخشى إرسلان.

 

وترى المصادر نفسها إمكانية قبول إرسلان وفريقه باقتراح الرئيس برّي انطلاقاً من أنّه يدعو الى سياسة الإنفتاح، وبناء الثقة من أجل الجبل وأهله، ولكي يتمكّنوا من مواجهة الأوضاع الإقتصادية والاستثمارية والحياتية والمعيشية والإنمائية السيئة التي يعيشونها منذ سنوات، مشيرة الى أنّ الوساطات الجارية في كلّ من قصر بعبدا وعين التينة والسراي الحكومي للتوافق على موقف يُنقذ الحكومة من التعطيل سائرة على الطريق الصحيح من أجل «تحييد» جريمة قبرشمون عن تعطيل عمل الحكومة أو دفع بعض وزرائها للإستقالة.

 

وتقول بأنّ التصويت في مجلس الوزراء على إحالة القضية الى المجلس العدلي لن يكون لصالح فريق إرسلان في حال قرّر الرئيس برّي عدم مساندة موقف فريقه السياسي، وكَسِر بالتالي موقف رئيس الحكومة. لهذا، فإنّ عدم طرح الجريمة على التصويت قد يكون أفضل للفريق الأول، ولهذا عليه من تلقاء نفسه، على ما شدّدت، أن يُقرّر إحالتها الى المجلس العسكري بعد المناشدات له من المرجعيات الدينية الكبرى بعدم جرّ البلاد مجدّداً الى الفراغ وشلّ عمل المؤسسات. ورأت بأنّ اتخاذ مثل هذا القرار الحكيم، من شأنه تسهيل طريق المصالحات الدرزية- الدرزية، والدرزية- المسيحية، والدرزية- السنيّة، في الوقت الذي يُبقي التمسّك بالمواقف الأمور على حالها، ويُنذر بشلل عمل الحكومة، وهذا ما حذّر منه الإتحاد الأوروبي في بيان أصدره أخيراً وتمّت الإشارة فيه الى التوتّر الأمني الأخير الذي حصل في الجبل، داعياً الى ضرورة تجنّب جرّ البلاد الى الفتنة.

 

وذكرت بأنّ المواقف المتصلّبة لن تصبّ لصالح أي طرف، لهذا يجب أن يتنازل كلّ من الفريقين من أجل تمرير التسوية على قاعدة تسليم المطلوبين من قبل فريق جنبلاط، مُقابل موافقة فريق إرسلان على إحالة القضية الى المجلس العسكري و«تحييدها» عن عمل مجلس الوزراء لكي يُتابع إقرار الموازنة وتسيير أمور البلاد والعباد. ومن هنا، لا يخرج أي فريق خاسراً أو منتصراً على الصعيد السياسي، رغم خسارة الفريق الأول لمرافقي الوزير الغريب والتي لا تُعوّض حتى بحكم القانون، ولا تتعرّض الحكومة الحالية بالتالي الى الإستقالة في ظلّ انتظار الدول المانحة للإصلاحات المطلوبة منها.

 

ولفتت الى أنّ عمل المجلس العدلي يتطلّب بعض التعديلات عليه لإصدار الأحكام بالسرعة المناسبة، بدلاً من تنفيذ ما يُطالب به البعض لجهة إلغائه وإحالة جميع القضايا التي يُحقّق فيها الى القضاء العادي، إلّا إذا كانت الثقة به غير موجودة. إلاّ أنّ الوقت الحالي لا يسمح بمناقشة هذا الأمر في ظلّ الخلاف على إحالة جريمة قبرشمون على المجلس العدلي أم لا، لكن يُمكن تقديم اقتراح قانون بهذا الشأن في وقت لاحق.

 

وفي رأيها، إنّ القضاء واحد في لبنان، أكانت القضية أحيلت الى المجلس العدلي أو سواه. وما دامت الثقة به قائمة، فلا يجب أن يكون لدى باسيل وإرسلان والحلفاء أي شكّ في أنّه سيتخذ الحكم المناسب في جريمة قبرشمون التي أدّت الى مقتل مرافقي الوزير الغريب، وسيقوم بمعاقبة المرتكبين. فلا أحد يريد أن يبقى منفّذو الجريمة بلا عقاب، ولهذا لا بدّ من تسليم جميع المطلوبين الى القضاء في أسرع وقت ممكن.