IMLebanon

“التسوية” الرئاسية إلى أين؟

فوجئ الرأي العام اللبناني بترشيح النائب سليمان فرنجيه لرئاسة الجمهورية، من بوابة الرئيس سعد الحريري تحديداً. وقال النائب محمد قباني ان “التسوية” تحظى بغطاء سعودي – اميركي – فرنسي، فيما كان النائب وليد جنبلاط يستعيد من ذكريات العام 1988 والخيار ما بين مخايل الضاهر أو الفوضى. وانطلاقا من هذه المعطيات وغيرها، تثار اسئلة كثيرة، بل تساؤلات، ربما تجيب عنها الايام المقبلة، ما دام اصحاب الشأن يلتزمون صمتا حتى تاريخه، ربما يكون مفيداً احيانا، لكنه غالبا يفتح المجال امام تكهنات كثيرة.

أولا، ليس من حق القادة الموارنة الاعتراض على اسم سليمان فرنجيه، ما داموا قد حصروا الخيارات بين الاربعة الذين اجتمعوا في بكركي، وفرنجيه ليس دخيلا عليهم، بل يجب ان يهللوا اذا نجحوا في فرض اسم من بينهم، ولم يسع الآخرون الى اسقاط اسم خامس او سادس عليهم، وهو ما كانوا يحتاطون له. وفي رأي كثيرين ان الخطأ الذي اقترفته بكركي كان في توفير الغطاء لهذا الاتفاق.

ثانيا، يتحمل العماد ميشال عون والدكتور سمير جعجع، المسؤولية عما آلت اليه الامور، اذ انهما، على رغم “اعلان النيات”، لم يتوصلا الى اتفاق على الرئاسة، مما عمّق الفراغ، وفتح المجال امام كثيرين للتدخل واطلاق مبادرات وعقد صفقات. كما أنهما سيتعرضان لإحراج شديد، اذ لا يمكن لنواب “القوات” ان يقاطعوا جلسة يتوافر فيها النصاب لانتخاب رئيس، ولا يمكن لنواب “تكتل التغيير والاصلاح” ان يقاطعوا جلسة لانتخاب احد اعضاء التكتل رئيساً.

ثالثا، ان اعلان الرئيس سعد الحريري ضمنا انه يتبنى هذا الترشيح، يأتي في الاطار الطبيعي لعدم الخروج عن توافق مسيحي على احد الاربعة، ويضعه في موقع الذي يضحي (ولا يتنازل) من اجل انقاذ الجمهورية ورئاستها.

رابعا، اذا فشلت التسوية، فان عواقبها لن تعود على الحريري حصرا، بل تخرج الرابع من الزعماء المرشحين من الحلبة، بعدما سقطت ورقة التين عن امكان انتخاب احد الثلاثة الباقين، وبذلك يصير العبور الى انتخاب احد مرشحي ما سمي بالصف الثاني ممكنا.

خامسا، اذا رفض المسيحيون الاربعة واتحدوا في رفضهم، فانهم سيتحملون مسؤولية اطالة امد الفراغ، ويدفعون بالبلد الى اجواء الفوضى وتحلّل مؤسسات الدولة. والاخطر انهم يعيدون الصراع الى المنحى الطائفي، اذ تتحول المواجهة مسيحية – اسلامية.

وبعد، فان الاشارات الى غطاء دولي غير واضحة المعالم، لانه من غير الجائز ان يتوافر هذا التوافق من دون ان تسعى اطرافه الى وضع حلفاء واصدقاء في اجواء ما يجري، ولا يتم ابلاغ من يعنيهم الامر، او التمهيد معهم لإخراج التوافق من دون تصادم. لذا لم نشاهد سفيرا او موفدا يتحرك في كل اتجاه، الا القائم بالاعمال الاميركي الذي حمّلت زياراته اكثر مما تحتمل.