تسود البلد حال من الاسترخاء السياسي بفعل الأعياد المجيدة وحيث الأغلبية من أهل السياسة خارج البلاد، ولكنّ العناوين السياسية التي طغت في الأيام القليلة الماضية على الساحة الداخلية تبقى قائمة من حيث ما يمكن أن تصل إليه بعد فترة الأعياد وتحديداً ماهية الحوار بين تيار المستقبل وحزب الله وإلى أين سيصل بعد «التقليعة» الايجابية، وهذا ما يقرّ به من اطّلع على أجواء هذه الجلسة، ولكن «ما تقول فول تيصير بالمكيول»، باعتبار العناوين التي ستُناقَش في الجلسات المقبلة ستكون على قدر كبير من الأهمية وذات حساسية واضحة لما يعتري هذه العلاقة بين الفريقين المتحاورين من خلافات وتباينات هائلة.
وهنا عُلم، وفق أوساط سياسية مطّلعة، أن الجلسة التي حُدِّدت في الخامس من كانون الثاني المقبل ستشهد حواراً ونقاشاً يتّصل بالاستحقاق الرئاسي نظراً لأهمية هذا الموضوع والذي بات يشكّل محوراً أساسياً لكل الأفرقاء ولا يمكن لأي طرف ان يتنصّل أو لا يعير هذا الملف الأولوية المطلقة بعد مواقف الفاتيكان وبكركي بما يشبه الحرم على من يعطّله ويقفز فوقه ولا يعيره اهتمامه، بمعنى أن الملف الرئاسي يحظى بقدر كبير من اهتمام عواصم القرار اضافة الى العناية الأهم للفاتيكان التي تعتبره من مسلّماتها في هذه المرحلة لما ينطوي عليه من دلالات في هذه الظروف التي يجتازها لبنان والمنطقة وخصوصاً ما يعانيه المسيحيون من مصر والعراق الى سوريا.
وفي سياق متّصل، تشير الأوساط عينها الى أن الاتصالات قائمة والمشاورات جارية على قدم وساق بين المعنيين بالملف الرئاسي وعلى الرغم من عطلة الأعياد فان هذا الاستحقاق حاضر وكلّ يعيد حساباته وقراءاته لما سيؤول اليه على ضوء الحوار الذي انطلق بين تيار المستقبل وحزب الله، ولاحقاً على خط الرابية ومعراب، الى ما صدر من مواقف عبّر عنها حزب الله بعد زيارة وفده الى بكركي والمطران عودة للتهنئة بالميلاد المجيد، وصولاً الى ما يجري في سوريا من حرب طاحنة واشتعال الجبهات وتوقّع حصول متغيّرات، ناهيك عن الموقف الروسي، تضيف الاوساط، الذي بات يتّسم ببعض الليونة، بمعنى باتت موسكو تتحدّث عن امكانية حلّ سياسي يشمل تغييراً رئاسياً، ولكن من الطبيعي ذلك له أثمانه بعد «زكزكة» روسيا في أوكرانيا وتدنّي مستوى صرف الروبل، أي الأوضاع الاقتصادية القاسية التي تعانيها موسكو، الى أمور كثيرة تُبقي الاستحقاق الرئاسي في الثلاجة الاقليمية والدولية الى حين انفراج تبلور الأوضاع على هذين الصعيدين، وعندئذ يُفتح الملف الرئاسي أو تحصل التسوية وحينها كل المواقف الداعمة لهذا وذاك تتلاشى وينخرط الجميع في الحلّ.
والأرجحية الواضحة، وحتى المحسومة، أن ما يجري في كواليس عواصم القرار واقليمياً مؤدّاه التفتيش عن رئيس توافقي وإن كان هنالك التزامات من حزب الله تجاه العماد ميشال عون أو مواصلة الدكتور سمير جعجع ترشحه، والامر عينه لمرشح اللقاء الديمقراطي النائب هنري حلو.
وهنا، تقول مصادر في 14 آذار بضرورة قراءة كلام السيد ابراهيم امين السيد بعد لقاء بكركي بمعنى «نحن الى الآن كحزب الله ندعم العماد ميشال عون للرئاسة». وعليه، بعدها من الطبيعي أن حزب الله الذي له بعد اقليمي وكطرف سياسي اساسي وفاعل سيتفاعل مع أي تسوية مقبلة على غرار ما جرى في الدوحة عندما دعم ترشّح العماد عون وجرى آنذاك انتخاب الرئيس ميشال سليمان. وهذا الأمر ينطبق على كل القوى السياسية والحزبية التي لا حول ولا قوّة لها عندما تدقّ ساعة التسوية ويأتي القرار الاقليمي بغطاء دولي، وساعتئذ يسيرون وفق هذه الأجندة بعيداً عن الالتزامات والدعم لهذا المرشّح وذاك.