تحتل أسعار النفط التي تنهار منذ أشهر، رأس القائمة في اهتمامات خبراء المال والاقتصاد في العالم، في محاولة لقراءة انعكاسات هذا الامر على الاسواق المالية واقتصادات الدول، ومستويات عيش المواطنين. ولا يشذّ لبنان عن هذه الموجة، لكن التحليلات المحلية تبدو حتى الان قاصرة عن اعطاء تقدير واقعي للتأثيرات التي سيتركها تراجع النفط على الاقتصاد اللبناني بشكل عام.
يُجمع من يتابع الوضعين المالي والاقتصادي في لبنان على أمرين لا خلاف حولهما:
اولا – ان لبنان يواجه أزمة على المستويين المالي والاقتصادي بسبب تداعيات ما يجري في المنطقة، خصوصا الحرب السورية، والوضع الداخلي المهتز سياسياً وأمنياً واجتماعياً.
ثانيا – ان تحويلات اللبنانيين العاملين والمقيمين في الخارج، هي التي تصنع الفرق، وتتيح صمود الاقتصاد، وتمنح القطاع الخاص القدرة على تمويل حاجات الدولة. انطلاقا من هاتين الحقيقتين المُتفق عليهما، يصبح في الامكان مناقشة تأثيرات تراجع اسعار النفط على الاقتصاد اللبناني.
ما هو مُقلق في موضوع النفط يستند الى الحقائق التالية:
اولا- ان تراجع الاسعار لم يثبت بعد، وبالتالي، لا أحد يستطيع ان يتنبأ بالقعر الذي قد تستقر عليه الاسعار للفترة المقبلة. هذا الغموض يدفع الى نوع من المزايدات في تقدير نسبة التراجع المتوقعة، ووصل الأمر ببعض المحللين الى القول ان سعر البرميل قد يتدنّى الى 15 دولارا، أو أقل.
ثانيا – ان لبنان الذي يتم التعاطي معه على اساس انه دولة غير نفطية حتى الان، وبالتالي، لا يفترض أن يتأثر كثيرا بتراجع النفط، هو بلد «اسفنجة» بالنسبة الى نفط الخليج، يمتص السيولة من النفط الذي ينبع من خارج أرضه، ومن البديهي انه يتأثر مباشرة، وربما اكثر من بعض الدول النفطية، بأي تراجع غير منطقي للأسعار.
ثالثا – ان التقديرات التي تقول ان لبنان قد يفقد قسما بسيطا من حجم الاموال التي يتم تحويلها من الخارج، وانه يستطيع ان يعوّض هذه الخسائر من خلال تراجع حجم الفاتورة النفطية وتأمين وفرٍ قد يصل الى 500 مليون دولار، تقوم على قاعدة احتساب السعر الحالي للنفط، لكنها لا تأخذ في الحسبان الاحتمال الآخر، سواء كان مرجّحاً ام حظوظه قليلة، والتي تقول ان الاسعار مستمرة في التدحرج وقد تصل الى قعر لم تبلغه في السابق.
رابعا – ان بناء الحسابات على اساس ان النفط سوف يبقى متراجعا، هو أيضا من الامور الخطيرة التي قد تصيب أي اقتصاد مهما كان قويا بنكسة، فكيف اذا كان هشا كما هي حال الاقتصاد اللبناني اليوم. لأن ارتفاع الاسعار قائم على قدم المساواة مع احتمال استمرار التراجع.
خامسا – لبنان الرسمي سيكون في مواجهة قرارات حسّاسة مطلوبٌ منه اتخاذها، منها ما يتعلق بالفاتورة النفطية في حال استقرت اسعار النفط على ما هي عليه اليوم. اذ من المعروف ان خطة اعادة تأهيل الكهرباء تمضي على قدم وساق، بعد الافراج اخيرا عن الاموال المرصودة للمشروع. وبالتالي، فان زيادة ساعات التغذية سوف تصبح ممكنة في المرحلة المقبلة.
واذا ما قررت الحكومة الابقاء على ميزانية الكهرباء كما هي فهذا يعني زيادة في ساعات التغذية، لكن من دون تحقيق وفرٍ يُذكر في الموازنة. اما اذا شاءت الحكومة تقليص العجز، فهذا سيدفعها الى خفض موازنة الكهرباء، والابقاء على ساعات التقنين على حالها.
كل هذه المعطيات والتساؤلات مطروحة على اعتبار ان أصواتا بدأت ترتفع مطالبة باعطاء الاولوية لاقرار موازنة للعام 2015، على أساس انها المدخل الالزامي لأية اصلاحات. لكن الموازنة تستوجب تحديد السياسة المالية في ظل الواقع الجديد الذي تطرحه قضية تراجع اسعار النفط.
المعادلة القائمة حتى اليوم، تشير الى ان بقاء اسعار النفط على ما هي عليه اليوم، سوف تؤدي الى تراجع في تحويلات اللبنانيين بنسبة مقبولة قد لا تؤدي الى ظهور مشكلة في قدرة المصارف على الاستمرار في تمويل الدولة.
لكن اذا صحّت التوقعات التشاؤمية، وشهد النفط المزيد من التراجع الى مستويات أقل من 30 دولارا للبرميل، فان كل الحسابات المتفائلة حاليا، والتي تفيد بأن ما سيخسره لبنان يوازي تقريبا ما سيربحه جراء تراجع اسعار النفط، ستصبح من الماضي. وقد تشهد التحويلات انتكاسة كبيرة تؤدّي الى أزمة معقدة على مستوى تمويل عجز الموازنة، وهنا تقع الكارثة.
كذلك ينبغي تحاشي البناء على هبوط أسعار النفط، لتمويل مشاريع داخلية، قد تتحوّل الى أزمة اضافية في حال تغيّر مسار الأسعار من الهبوط الى الارتفاع.
فلسفة عالمية
بصرف النظر عمّا يحكى حول أسباب هبوط أسعار النفط ومنها انخفاض معدلات الاستهلاك ووفرة المعروض وظاهرة النفط الصخري وتأثيرها على النفط الخام وكل ما يدور في هذا الفلك من أقاويل، تُبيّن الارقام من هو الخاسر والمستفيد الأكبر.
بدأ تنفيذ خطة حرب النفط من قبل الدول الكبرى مع بداية ضرب الروبل الروسي في شباط 2014 التي واكبها هجوم مفاجىء دون سابق انذار على المنطقة العربية. بدأ الهجوم من خلال داعش والترهيب والترغيب حيث هوت في شهر تموز2014 أسعار النفط بشكل حاد ومعها الروبل الروسي.
اليوم، اختلف أسلوب الاستيلاء على الثروات عن السابق. الحروب والعمليات العسكرية الميدانية والخسائر في الارواح والعتاد لم تعد واردة في قاموس الدول الكبرى بل تطورت الى سياسات مكيافيلية مبطنة ظاهرها الحرص على المصالح والأمن وباطنها سلب الثروات.
تبين الأرقام أن الدول المستهدفة تنتج مجتمعة الجزء الأكبر من نفط العالم أي ما يقارب 45 مليون برميل في اليوم من أصل 91 مليون من إجمالي الناتج العالمي أي أنها خسرت حوالي تريليون دولار حتى اليوم حسب أسعار السوق الحالية.
عودة الى لبنان
هذه الوقائع، واذا كان ما يجري هو فعلا بمثابة حرب أممية، في هذه الحالة من البديهي ان لبنان يجب ان يحفظ رأسه. وينبغي التعاطي مع ملف اسعار النفط بكثير من العناية والبصيرة.
واللبنانيون يدركون ان ماليتهم العامة وصلت الى مستويات خطرة، وقد اضطرت وزارة المال الى الاستعانة بالاحتياطي المالي، لدفع الزيادة على الرواتب في العام 2014. ولا ننسى ان سعر صرف الليرة مرتبط بالدولار دون سواه من العملات، وبما أن العملة الاميركية تشهد ارتفاعا على بقية العملات، فمن البديهي ان القوة الشرائية لليرة سوف ترتفع، لكن ذلك قد يؤدّي الى ضغوطات اضافية على النقد الوطني لجهة تثبيت سعر الصرف.
عام 2015، سيكون عام الاختبارات القاسية، والتكهّن بتوجهات الاسواق العالمية صعب، سواء كانت التغييرات التي تطرأ حاليا ترتبط بأسباب اقتصادية أو سياسية. والاقتصاد اللبناني سيكون في مواجهة تقلبات غير محددة المعالم، والنتائج تحددها السياسة المالية التي ستقرّر الحكومة اعتمادها اليوم، للتصدّي لأية تحولات حادة في الاسواق العالمية والمحلية.
دراسة حول النفط الاميركي (الاستهلاك، الاستيراد والانتاج)
مليون برميل باليوم 2010 2011 2012 2013 2014
انتاج النفط الخام 5,4 5,6 6,5 7,4 8,5
انتاج النفط الصخري 0,83 1,22 2 2,29 2,5
اجمالي الانتاج العام 6,23 6,82 8,5 9,69 11
حجم الاستيراد 11,7 11,4 10,5 9,8 9,2
الاستهلاك 19,1 18,8 18,4 18,8 19,3
معدل تكلفة انتاج النفط الاميركي الخام 33$
معدل تكلفة انتاج النفط الصخري الاميركي للبرميل الواحد 65-75$
معدل تكلفة انتاج برميل النفط الخام في منطقة الشرق الاوسط 17$
التوقعات المستقبلية للنفط الصخري:
سيستمر ارتفاع اناج النفط الصخري الاميركي حيث يتوقع ان يصبح الانتاج اليومي 8,5 برميل يوميا حتى عام 2035 ولكن في حال هبط سعر البرميل عن مستوى 80 دولارا ستواجه شركات النفط صعوبة بالانتاج وحتى التوقف عن الانتاج نظرا للتكلفة العالية لاستخراجه والتي تتراوح بين 65-75 دولارا للبرميل الواحد.
اسئلة متعلقة بدراسة حول النفط مليون برميل يوميا
كم يبلغ اجمالي الناتج الاجمالي للنفط الاميركي بما في ذلك الخام والصخري 10,5
كم تستورد اميركا من النفط 9
كم هو حجم الاستهلاك الكلي للنفط الاميركي 19
ما هو حجم الانتاج العالمي للنفط 91
كم تنتج دول ا وبك 31
كم تنتج دول غير اوبك 60
هل هناك عمليات تهريب للنفط ومن هي الجهات التي تقوم بذلك وكم تبيع البرميل
داعش تبيع يوميا من 60 الى 90 الف برميل بسعر يتراوح بين 10 الى 18 دولارا