مشكلتان جمّدتا البلد وتزامنت الطارئة منهما مع المزمنة، وبغض النظر عمّن هو على حق ومَن ليس على حق، فالنتيجة واحدة: المزيد من السلبيّة، والمزيد من تحميل اللبناني المزيد من الأثقال.
المشكلة الأولى تتعلق بالمرسوم، مرسوم ترقية مجموعة من الضبّاط الذي اتخذ هذا القدر الكبير من السجالات الحادّة التي أدخلت البلاد في أزمة كبيرة، ووجوم كبير، وتهدّدت، ولا تزال، بعواقب وخيمة.
ساعة تستحضر المادة الدستورية 54، وساعة المادة 56، وساعة الإحتكام الى القضاء، وساعة يعودون الى قانون الدفاع، وساعة النصوص القانونية حول الترقيات كيف تكون؟ ولـمَن تُعطى؟ وعلى أي قاعدة؟ وهو ما أفاض في الحديث عنه، أمس، رئيس اللجنة البرلمانية للإدارة والعدل النائب روبير غانم الذي اعتبر المرسوم من دون قيمة لأنّ الترقيات تُعطى مقابل أعمال باهرة يقوم بها الضبّاط في الحرب، وليس لأي سبب آخر…
بالفعل، لم يعد مقبولاً أنّ بلداً مثل لبنان، خارجاً من حرب أهلية هائلة، واقتصاده يعاني منذ عقود وحتى اليوم معاناة قاسية… ليس مقبولاً أن تزداد معاناته في كل مسألة وكل قضية… خصوصاً أنّ لدينا رئيساً للجمهورية أقل ما يُقال فيه إنّ لديه من الحكمة والمسؤولية والحرص على المصلحة العامة ما يشهد له به القريب والبعيد… كما أنّ لدينا رئيساً لمجلس النواب معروف بأنه رجل دولة من طراز رفيع اخترع طاولتين للحوار:
أ- طاولة الحوار الوطني الجامع وقد نجح فيها بسحب فتيل الحرب.
ب- طاولة الحوار الثنائي بين تيار المستقبل و»حزب الله»، ونجح فيها في انتزاع فتيل الفتنة السنّية – الشيعية.
أيُعقل ألاّ يوجد حلّ لدى الرجلين؟
كنا نتمنّى أنّه بدلاً من أن تفتح سوق عكاظ بين الطرفين كنا نأمل أن يجتمع الرئيسان، إذ لا بدّ من أنّ لقاءهما سينتهي الى حل.
هذا ما يراه اللبنانيون جميعاً سواء مَن كان منهم يحب عون أم لا يحبه، أو مَن كان يحب بري أو لا يحبه!
والمشكلة الثانية هي معضلة الكهرباء التي عجزنا عن إيجاد حلّ لها منذ أحداث 1975 حتى اليوم، وهو عجز ليس له أي مبرّر على الإطلاق… والأمثلة لا تُعدّ ولا تُحصى في العالم أجمع: وها هي مصر أنجزت مشروعاً ضخماً لإنتاج طاقة للتيار الكهربائي مقدارها 15 ألف كيلواط في خمسة أشهر! فقط في خمسة أشهر!
إنّ أفقر بلدان العالم لديها التيار الكهربائي ينعم به أهلها وسكّانها 24 ساعة على 24، حتى البلدان الغارقة في مجاهل أفريقيا لديها الطاقة الكهربائية… ونحن البلد الذي كان يزوّد سوريا بالطاقة الكهربائية في بعض أشهر السنة (خصوصاً في مناسبة معرض دمشق الدولي) بتنا نستجدي الطاقة حتى من بلدان تتآكلها الحروب، وحتى من البواخر العائمة على الشاطئ.
حيناً يريدون معامل على المازوت، وحيناً آخر على الفيول، وحيناً ثالثاً على الغاز، وأحياناً يقال لنا إنّ خزانات الغاز غير متوافرة الخ… من هذه الأقوال التي لا تبرّر عجزاً، ولا تشرّع تلكؤاً، وبالطبع لا توفر تياراً كهربائياً!
كيف نجح العالم في معظم بلدانه، إن لم يكن فيها كلها، بما فيها البلدان الأكثر تخلفاً، ومهما كانت أنواع أنظمتها، في أن تجد حلولاً لأزمة الكهرباء، ونحن عاجزون طوال عقود عن حلّها؟!.
نعرف أنّ السبب سياسي في معظمه، فإلى متى سيبقى اللبناني يتحمّل أعباء الخلافات السياسية؟ أصلاً لماذا يجب عليه أن يتحمّل؟
يكفي… تفضلوا وحلّوها حلاً جذرياً، وليس على طريقة المعالجات الآنية الضيّقة، ذلك أننا نطالب بحقنا في تيار كهربائي شامل 24 على 24… وهذا أضعف الإيمان.
عوني الكعكي