Site icon IMLebanon

«خَسِئْتَ يا ترامب»!  

 

منذ ردّ المرشد الإيراني علي الخامنئي بالأمس على قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران بقوله «خسئت يا ترامب»، شعرتُ بضرورة ملحّة لدخول الـ emoticons على «كيبورد» الصحافة الورقيّة لتساعدنا على دقّة التعبير أكثر، بعض التصريحات الإيرانيّة سخيفة إلى حدٍّ لا يُصدّق، يحتاج ردّ الخامنئي إلى الكثير من وجوه الـ  emoticons المعبّرة أمام هذا الردّ الخامنئي العبقري!!

 

سيواجه مترجمو الرئيس الأميركي صعوبة كبيرة في إيجاد معنى كلمة «خسئت» لترجمة ما قاله الخامنئي لترامب، وسيكون من الصعب جدّاً أن يجدوا الكلمة المناسبة، بعد كلّ التهديد والوعيد الإيراني بالانتقام إذا انسحبت أميركا من الاتفاق النووي، كان الخامنئي ناعماً جدّاً باعتباره أعلى سلطة في إيران، وبصفته نائب «مهدي إيران المنتظر»، أمّا ما بعد «خسئت» الخامنئيّة، وصف المرشد «المصدوم» خطاب ترامب بأنّه «سخيف وسطحي»، تذكّرت كثيراً بالأمس نائب الرئيس السوري فاروق الشّرع يوم علّق على صدور القرار 1559 عن مجلس الأمن الدوليّ في تشرين الأول العام 2004 واصفاً إياه بالقرار «التّافه»، وكان أن أخرج القرار التّافه جيش الاحتلال السوري من لبنان خروجاً مذلّاً ومهيناً، وهذا الأمر ـ وتذكّروا جيّداً ـ سيتكرّر مع «الخامنئي» عندما يُطرد هو وميليشياته من الشرق الأوسط، من لبنان ومن بغداد ومن سوريا ومن اليمن وتطرد معه كل خلاياه النائمة في كلّ دول الخليج العربي، وسنكسر وراءه ووراءهم آلاف الجرار.

كلّ الكلام الذي صدر من إيران بالأمس «كوم» ولا يُعبّر عن الحقيقة، والكلام الصّادر عن الخامنئي بالأمس «كوم آخر»، هو الأكثر فهماً لمقبل الأحداث على إيران، كان واضحاً واستبق كلّ مسؤوليه فقال: «الآن تثار مسألة تواجدنا في المنطقة وقضية الصواريخ، وإذا قبلناها، فإن القضية لن تنتهي، بل ستبدأ مسألة أخرى»، القضيّة الآن أبعد من الملفّ النووي وتدرك إيران أنّها تحتاج وقتاً طويلاً لإعادة إنتاج «المياه الثقيلة» في مفاعلتها، وأنّ «النووي» هو عشرين ألف خطّ أحمر في وجهها، ويعرف الخامنئي أنّ المطلوب رأس إيران ورأس صواريخها الباليستيّة في سوريا ولبنان تحديداً بالنسبة للشّرق الأوسط ودول الخليج، وأيضاً رأس حزب الله وترسانته الصاروخيّة، وقد سارع الخامنئي نفسه إلى إعلان رفضه القبول بالتفاوض على خروج إيران من المنطقة وإخراج صواريخها الباليستيّة من المنطقة.. لقد بدأ الخامنئي أول خطوات التفاوض مع أميركا بإعلانه رفض التفاوض، وهو بهذا يفتح ثقباً في الأفق الإيراني المغلق.

الردّ الأميركي لم يتأخّر على لسان دونالد ترامب وكان شديد الدقّة «إيران ستتفاوض وإلا سيحدث شيء ما»، لا يحتاج هذا الكلام إلى توضيح، «غصب عن كسر راس إيران ستتفاوض وإلا»، وما أدراك ما «إلا» الترامبيّة، وكلّ «الخزعبلات» الإيرانيّة والتهديدات أنهاها ترامب بأنّ إيران ستواجه «عواقب وخيمة جداً» في حال استأنفت برنامجها النووي. وعندما سئل عمّا ستقوم به واشنطن في حال استأنفت إيران مساعيها النووية، ردّ ترامب: «ستكتشف إيران ذلك»…

للمناسبة، إيران تدرك جيّداً أنّها لا تستطيع إعادة العمل بالتخصيب النووي ليس لأسباب تقنيّة، بل لأنّ الدول التي ما زالت تقول انّها تدعم الاتفاق النووي معها ستنسحب منه بمجرّد تراجعها عن الالتزام بهذا الاتفاق، إيران في موقف لا تحسد عليه، مجرّد انكفائها إلى داخل حدودها هذا يعني نهاية النظام وانهياره، حزب الله منذ الثمانينات كانت خطّته تحويل المجتمع اللبناني إلى مجتمع حرب، نجح في تطبيق هذا الأمر على بيئته التي أعمل فيها القتل طويلاً، وليس بخافٍ على أحد أنّ هذه البيئة لم تعد قادرة على تحمّل هذه «الحربجيّة»، إيران أيضاً ومنذ مجيء الخميني إلى السلطة أدرك أن استمرار حكمه وتحكّمه بإيران مرتبط بنشر الحروب الكبيرة والصغيرة، وأنّ نظامه ينهار وينتهي إن انحصر بالدّاخل الإيراني، وهذا الأمر خبرناه مع النظام السوري واحتلاله للبنان، لطالما اعتبر هذا النظام أنّ الحرب في لبنان تعني استقراره في سوريا، وأنّ استقرار لبنان هو بداية نهاية النظام في سوريا، وهذا ما حدث بالفعل.