IMLebanon

زمن الصُم والبكم  

 

 

يكاد أصحاب العقول الصافية أن يقفوا حائرين، بل أن يكونوا مذهولين أمام هذا الصمت العربي المخزي ازاء ما يتعرض له أهالي غزة من فظائع يرتكبها العدو الصهيوني بقيادة هذا الوحش، بصورة إنسان، بنيامين نتنياهو، ما يتجاوز كلّ ما عرفته البشرية من مجازر يومية مستمرة منذ عشرة أشهر، من دون أي انقطاع.

 

إنها مجازر فظيعة، إلّا أن ما يوازيها فظاعة ولعلًه يتجاوزها بشاعة، هذه اللامبالة العربية التي تجعل الإنسان العربي البسيط، على امتداد هذه الجغرافيا (بوهادها وسهولها ورمالها وما تختزن من ثروات طبيعية خرافية وحشود من الرعايا بمئات الملايين) يخجل من نفسه كونه ينتمي الى هذه المجتمعات التي تبدو، بقياداتها، وكأنها من عالم آخر.

 

طبعاً لا ندعو هذه المجموعات من الملايين لأن تزحف لنجدة الشعب الفلسطيني المقهور، ولا الى حرب المساندة كتلك المبادرة التي يقوم بها حزب الله ومقاومته وهما يدفعان الأغلى من المهج والأرواح، إنما أقله، وهو أضعف الإيمان، ندعو القيادات التي ترعاها لأن تذهب الى مبادراتٍ ولو من باب رفع العتب، مثال:

 

أن تتجه الدول التي تقيم علاقات مع العدو الصهيوني الى قطعها، أو أن تطرد ديبلوماسيي العدو من أراضيها.

 

أو أن توقف الاستثمارات الصهيونية في مختلف مجالاتها، وما أكثرها!

 

أو أن تصدر بيانات استنكار، على قاعدة «فليسعدِ النطق إن لم تسعد الحالُ».

 

أو أن يكلّف خاطرَه مسؤولٌ هنا وآخر هناك وثالث هنالك يتناول سمّاعة الهاتف ليتصل بصديقه الصهيوني ليقول له: يا عزيزي خفّفوا قليلاً ولو إنقاذاً لماء وجهنا.

 

ولكن شيئاً من هذا ما حصل، ولن يحصل. وأما مستودعات الصلب من حديد وفولاذ فأسلحة كلفت آلاف تريليونات الدولارات، فيؤثرون ان يأكلها الصدأ، ولا تُزاح خيوط العنكبوت عنها إلّا إذا كان «لا بدّ» من استخدامها في الاقتتال بين الاخوة…

 

فالقوم لا تعنيهم مأساة غزة في شيء على الإطلاق. والأكثر من هذا فقد أوجدوا في مجتمعاتهم، عن سابق عمدٍ وتصميم، ثقافة تمجيد الصهيوني والتعرض لأعدائه ومقاوميه بأقذع الكلام وأرذله، وهو ما تضج به وسائط التواصل الاجتماعي من مباذل تنم عن انهيار في سلم القيَم وتدني ما تعلمناه في الكتب من كذب ونفاق عن المروءة وشد الأزر و «أنا وابن عمي…»، الى ما هنالك من هذه السفسطات التافهة على أرض الواقع وليس في المبدأ الذي يبقى، في الممارسة، حبراً على ورق.