سجّل فوز عبد الله الشامي، مرشح التيار الوطني الحرّ، بمنصب نقيب محامي طرابلس، باكورة انتصارات التيار البرتقالي، في أعقاب وصول العماد ميشال عون إلى منصب رئيس الجمهورية. وهي أول مرة يفوز فيها مرشح للتيار بالمنصب، بعد محاولات عدة قام بها خلال السنوات الماضية، ولم يكتب لها النجاح.
لكن انتخاب عون لم يكن وحده السبب الذي وقف وراء الحضور اللافت لتياره أمس في طرابلس، بل في التحالف العريض الذي نسجه لهذه الغاية مع تيار المستقبل والقوات اللبنانية وحركة الاستقلال وحزب الكتائب، في مواجهة تحالف تيار المردة وتيار العزم والوزير السابق فيصل كرامي والحزب السوري القومي الاجتماعي والوزير رشيد درباس، مع العلم بأن العونيين خاضوا أغلب انتخاباتهم السابقة في المقلب الآخر إلى جانب قوى 8 آذار.
وأظهرت انتخابات أمّ النقابات الشمالية حجم التباعد بين التيار الوطني الحر وتيار المردة، على خلفية الانتخابات الرئاسية، بعدما خاض الشامي معركة مزدوجة في مواجهة تيار المردة، إذ واجه في الدورة الأولى المرشح شوقي ساسين، واستطاع التقدّم عليه بحصوله على 540 صوتاً، مقابل 437 صوتاً.
ومع أن حليفة الشامي في الانتخابات المرشحة زهرة الجسر (مقرّبة من تيار المستقبل) فازت بعضوية النقابة من الجولة الأولى، بنيلها 528 صوتاً مقابل 472 صوتاً لمنافستها سهير درباس (مقرّبة من تيار العزم)، اضطر الشامي إلى خوض مواجهة أخرى مع عضو النقابة جورج عاقلة (مقرّب من المردة) في الجولة الثانية، وهي المرة الثانية منذ 18 عاماً التي يترشح فيها عضو في مجلس النقابة إلى منصب النقيب، ما فرض اللجوء إلى جولة ثانية لم تظهر ملامح نتائجها قبل الثامنة من ليل أمس، وانتهت بفوز كبير للشامي بعد حصوله على 646 صوتاً مقابل حصول 295 صوتاً لعاقلة.
هذه الحماوة في الانتخابات انعكست خلال الجولة الأولى، بعدما تجاوزت نسبة الاقتراع 88 في المئة، إثر اقتراع 1073 محامياً من أصل 1216 محامياً مسجلين على الجدول النقابي ويحق لهم الاقتراع، كونهم سدّدوا اشتراكاتهم السنوية، وكذلك في الجولة الثانية التي فاقت نسبة الاقتراع فيها كل التوقعات، ولم تقفل الصناديق قبل السابعة مساءً، بعدما وصل عدد المقترعين إلى 978، أي بنسبة 80%.
وبفوز الشامي تكون الضنية قد حازت منصب النقيب للمرة الأولى منذ إنشاء النقابة عام 1921، ما دفع أغلب القوى السياسية في المنطقة إلى دعمه، وخصوصاً تيار المستقبل والنائبين السابقين جهاد الصمد وأسعد هرموش.
وكانت نتائج الجولة الأولى قد أظهرت تماسكاً في التحالفات السياسية للطرفين، رغم الضغوطات والشائعات التي سبقت الانتخابات ورافقتها، وتحدثت عن خروقات، وخصوصاً ضمن صفوف تيار المستقبل، الذي تحدثت معلومات عن عدم هضم قاعدته الانتخابية تحالفه مع التيار الوطني الحر، وعن أن الوزيرين أشرف ريفي ورشيد درباس استمالا عدداً لا يستهان به من محامي التيار الأزرق إلى جانبهما، وهو ما دفع مسؤولي التيار إلى إعلان حالة الاستنفار لمنع التسرّب من جهة، وكي لا يكون هذا السبب دافعاً لتحميل حلفاء المستقبل خسارتهم الأولى معه بعد إبرام التحالفات الجديدة.
وقد أفلحت هذه الجهود في جعل النتائج متقاربة في الجولة الأولى، قبل أن تكشف الجولة الثانية، التي شهدت إشكالاً فردياً توقفت بعده عملية الاقتراع نحو 20 دقيقة قبل معالجته، تماسك القوى الداعمة للشامي، التي استطاعت زيادة عدد المؤيدين له، بينما لم يستطع عاقلة كسب تأييد كاف له، أو حتى الحفاظ على العدد الذي ناله ساسين.
إلا أن نتائج الدورة الأولى سرعان ما انعكست تراشقاً وتبادلاً للاتهامات، إذ اتهمت مصادر في تيار العزم حلفاءه “بالانحياز إلى جانب العهد الجديد”، وعلى رأسهم تيار المردة الذي “في مقابل تأكيده على محاميه انتخاب مرشحه ساسين في الدورة الأولى، فإنه ترك الحرية لهم في ما يخص انتخابات العضوية، ما أدى إلى خسارة مرشحة العزم أمام مرشحة المستقبل، بفارق لم يتجاوز 56 صوتاً”. لكن أوساطاً في تيار المردة رفضت هذه الاتهامات، وأكدت أن “محامي المردة التزموا بتحالفاتهم”، لافتة إلى أن درباس “نالت 35 صوتاً أكثر من ساسين، ما يدل على أن الخرق حصل من غيرنا وليس من قبلنا”.
«أطباء الأسنان» للمستقبل
في موازاة ذلك، حقق تيار المستقبل والمستقلون فوزاً كاملاً في الانتخابات الفرعية لنقابة أطباء الأسنان في طرابلس، والتي جرت أمس لاختيار ثلاثة أعضاء جدد بدلاً من الأعضاء الذين انتهت مدة ولايتهم، إذ فاز بول نحاس (106 أصوات) وماجد ناجي (102) وجوزف حايك (97 صوتاً)، على منافسيهم عمر الأيوبي (68 صوتاً) وجوزف حنا (60 صوتاً) وإيلي داود (41 صوتاً)، في انتخابات اقترع فيها 173 طبيباً من أصل 390 مسجلين على جدول النقابة.