قبل أن يُسيء أمين عام حزب الله حسن نصرالله إلى لبنان دولة وسيادة وشعباً، ارتكبَ إساءة كبرى تجاه مشاعر المسلمين عموماً واللبنانيّون خصوصاً عندما اعتبر أنّ «حسين» هذا الزمن هو علي الخامنئي المرشد الإيراني، لا يستحقّ هذا التطاول على سيدنا الإمام الحسين بن علي سبط رسول الله صلوات الله عليه، إلا أن نردّ على مقولته هذه بالقول «لكم حسينكم ولنا حُسيننا».
فوجئنا بالذين تفاجأوا بخطاب حسن نصرالله في ذكرى عاشوراء، أين الجديد في صراخه المعتاد معلناً التضحية بلبنان من أجل الخامنئي وإيران، متى خبّأ الحزب وأمينه العام هذه الحقيقة الفجّة أو أنكرها بل متى لم تكن مادّة لتباهي الحزب بإعلان ولائه التام لإيران ومرشدها، متى لم يفتخر حسن نصرالله بأنّه جنديّ صغير في جيش الوليّ الفقيه؟! لا مفاجآت في هذا الكلام، سبق وكتبنا مئات المرات عن هذه الحقائق التي تقف الدولة برؤوسها بكماء صماء عمياء أمام ما فجّره نصرالله في وجوههم واختاروا أن يكونوا «الشياطين الخُرْس» مدّعين كذباً وزوراً وبهتاناً أنّ ما يهمّهم مصلحة لبنان، بدلاً من ممارسة وظيفتهم في حماية لبنان ودولته، من هذه الحماقات والهوى الإيراني الذي سيودي بلبنان إلى حتفه!
مشهد اليوم والأمس سيؤكّد للبنانيين مرة جديدة أنّ مشكلة لبنان الكبرى ومأزقه الحقيقي هو سلاح حزب الله، وأنّ لا معنى لأي ادّعاء بالحرص على لبنان وتقدّمه واقتصاده وشعبه ما دام هناك فريق واحد يستقوي بالسلاح ويدين بالولاء لدولة أخرى، ويفرض توجهاته على لبنان المختطف مع شعبه إلى محاور لا ناقة له فيها ولا جمل!
لطالما حذّرنا أنّ حزب الله لا ينتمي إلى «الأمّة اللبنانيّة» وأنّه يصنّف نفسه بـ»أمّة حزب الله» وهذه الأمّة طليعتها في إيران، وللحزب نشيده الوطني أيضاً ونحن هنا لا نتحدّث عن أمر عقائدي البتة، بالعكس إيران وحزب الله يمارسان تلبيساً سياسيّاً على العقيدة يخايل عليها لإيهام الآخرين بأنّها عقيدة ودين، ما قاله حسن نصرالله في خطاب عاشوراء هو نشيد حزب الله لعلي الخامنئي وإيران بلغة أخرى «سيدي يا ابن الحسينِ/ نحن ابناء الخميني/ وهتفنا بالولاء/ لعلي الخامنائي/ سيدي يا ابن محمد/ هذه الأكفان تشهد/ نرتدي ثوب الفداء/ لعلي الخامنائي/ إنها كل الحكاية/ نحن عشاق الولاية/ وختمنا بالدعاء/ لـعلي الخامنائي» فأين الجديد الذي أتى به نصرالله وهو يحذّر من أنّ حزبه سيخوض حرب الدفاع عن إيران كونها قلب محور الممانعة، هنا علينا أن نسأله من في دول هذا المحور سيخوض الحرب معه دفاعاً عن إيران؟ سوريا أم روسيا أم الصين أم كوريا الشماليّة أم العراق أم اليمن؟ المضحك ـ المبكي أنّه «ما في بالميدان إلا لبنان» لتضحّي به إيران، وبالأسلوب المعهود فتح جبهة الحرب مع إسرائيل، فلا يصدقنّ أحد الادّعاءات الكاذبة المتمسكة بالقرار 1701، ومن يصدّقها فهو أحمق ومكتّر!
أنتم أمّة «حسينكم» علي الخامنئي، ونحن «الأمّة اللبنانيّة» التي نصّ عليها الدستور، ولا ندين بولاء ولا تبعيّة إلا للبنان الدولة والشعب والمؤسسات، لقد حانت لحظة الاختيار للبنان وشعبه ورؤسائه، اسمحوا لنا، نحن شعب حرّ وسيّد ومستقلّ، وعليّ الخامنئي ليس وليّ أمرنا، ولا ندين له بالولاء، ولا نرتدي أكفان الفداء له، ولا نؤمن ولا نعتقد بولايته ولا بولاية الفقيه ولا بأنّه نائب المهدي المنتظر ووكيله، ولا نؤمن بوكلائه الشرعيين لا في لبنان ولا البحرين ولا العراق ولا اليمن ولا في نيجيريا أيضاً، ولا ندعو للخامنئي بالبقاء، ونرفض أن يكون قرار حربنا وسلمنا ومصيرنا ومصير وطننا في يده، ونقطة على السطر!