الفراغ يوسع هوامش «حزب الله».. و«الرئيس الحليف» يقربها
عملية شبعا تُنَشِّط المساعي الغربية لإحياء المؤسسات الدستورية
من نِعَم رد المقاومة على الجريمة الإسرائيلية في القنيطرة أن عملية مزارع شبعا، وما أحاط بها من ترقب ومواقف وسقوط لمعادلات، أنه أعاد الزخم الدولي، لا سيما الاوروبي، في التعاطي مع الملفات الداخلية اللبنانية وأبرزها استحقاق رئاسة الجمهورية.
وتشهد بيروت حركة ديبلوماسية نشطة بعضها معلن، كزيارة الموفد الفرنسي جان فرانسوا جيرو، وأغلبها بعيد من الأضواء تستكشف احتمالات تطور الاوضاع في ضوء الخطوط الحمراء التي رسمها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، وفي جوهرها معادلة ترابط ساحات المواجهة بين عدو إسرائيلي غني عن التعريف وشريك حدد بوضوح وهْمَ الجماعات الإرهابية التكفيرية التي تحظى برعايته ودعمه.
وخطورة المشهد العام دفعت الى إعادة ادارة المحركات بحثاً عن وسائل من شأنها إبعاد شبح التصعيد، بعدما تيقّن الغرب أن مسار الأمور بواقعها الراهن سيفضي حتماً الى حرب واسعة جديدة. فالقيادة الإسرائيلية أثبتت غباءها وحماقتها عندما سهّلت على المقاومة في لبنان إعلان انخراطها في المواجهة عبر ساحة الجولان. كما أن مخاطر كبيرة تنجم عن التوجه الاميركي الذي يدفع باتجاه لعبة التفاوض عبر الميدان السوري، في حين تجهد روسيا الى تفاوض يعطل لغة الميدان ويقدّم الحل السياسي.
ما هو الأخطر الذي يخشاه الغربيون؟
تقول المعلومات لدى أوساط رفيعة «إن أكثر ما يقلق الغربيين، وتحديداً بعض العواصم الاوروبية، هو مضي واشنطن بتدريب آلاف المسلحين في الاردن والدفع بهم الى منطقة الجولان السوري بحيث يصبح هناك عشرات آلاف المسلحين قادرين على تشكيل ضغط هائل على دمشق بهدف إسقاطها، بصرف النظر عن الاستثمار في هذا المجال عبر الحدود التركية. وهذا يعني تنسيقاً وشراكة تامة مع إسرائيل، بما يرفع الى درجة ما فوق الحمراء احتمال نشوب حرب واسعة في أي لحظة».
ولكن ما علاقة هذا التطور بعودة الزخم الى الملف اللبناني؟
توضح الأوساط أن المواقف التي اعلنها السيد نصرالله في ذكرى شهداء القنيطرة، وُضعت تحت مجهر الدراسة والتحليل لدى السفارات الغربية التي فعّلت نشاطها في محاولة لرصد ومعرفة حقيقة النيات لدى المقاومة، وانتهت الى خلاصات ضمنتها تقارير عاجلة ركّزت على جملة من الاقتراحات أبرزها:
– كلام نصرالله يعني أن الحوار الداخلي اللبناني هو حاجة لبنانية مشتركة، إلا أن أكثر من يحتاجه هو فريق «14 آذار» في ظل التحولات على صعيد المنطقة وعدم تحقق رهانات كان من المنتظر أن تُحدث انقلاباً في مسارات سياسية داخلية.
– ثبت عقم المقاربات القائمة للملفات الداخلية اللبنانية، لا سيما ملف انتخاب رئيس جديد للجمهورية الذي يجب ان تصاغ قواعده من جديد على قاعدة الأولوية المطلقة لمن يمثّل، بلا توريات او تجميلات او صياغات غير واضحة.
– السبب الرئيسي لما هو عليه لبنان يعود الى تحلل مؤسساته الدستورية إما بالشغور أو بالتعطيل أو بالخلافات، والأمر بدأ يلقي بظلاله على إدارات الدولة في مختلف مستوياتها وتصنيفاتها.
– السؤال الذي طرحه الغربيون وأجابوا عليه وسمعته مراجع رسمية لبنانية هو، «ما المطلوب إذاً؟» أما الجواب فكان: «إعادة تكوين السلطات اللبنانية عبر ملء الشغور في سدة الرئاسة اولاً، وتجديد الحياة الديموقراطية بإتمام الانتخابات النيابية، والذهاب الى حكومة جديدة تستند الى تمثيل نيابي غير مشكوك فيه».
وتكشف الأوساط أن «الدوائر الغربية ترى ان استمرار حالة الفراغ في مؤسسات الدولة هو الذي يعطي هامشاً واسعاً جداً لحزب الله كي يتصرف من منطلقات يعتبر انها الأنجع في مواجهة الأخطار». في المقابل، تعتبر أنه «إذا جرى التسريع في انتخاب رئيس جديد للجمهورية وتشكيل حكومة وإجراء انتخابات نيابية، فإن هذا الهامش سيعود الى حجمه السابق». كما تقول إنه «لا مانع من أن يكون الرئيس قريباً من حزب الله، أي صديقاً له، أو بعبارة اوضح، حليفاً له، لأنه في هذه الحالة سيكون الحزب المعروف عنه الوقوف على رأي حلفائه، مراعياً لهذا الاعتبار». كما «سيكون للرئيس المقبل المَونة المعنوية والتحالفية على الحزب بما يخفف من وطأة التطورات الاخيرة، والتي عبّر عنها بوضوح خطاب السيد نصرالله الاخير».
ولا تعير الأوساط «اهتماماً كبيراً للأصوات التي ارتفعت في ردها على كلام الأمين العام لحزب الله، كونها ليست في صلب ما يدور في الحوار الذي يعالج كل الملفات بصمت، والذي تحوَّل إلى خيار لا رجوع عنه».