Site icon IMLebanon

شبعا تستعيد نازحيها: نكبة قطاعي الزراعة وتربية المواشي

    

 

لم ترضخ شبعا لمشروع التهجير الإسرائيلي، وعاد إليها معظم العائلات التي نزحت عند بداية العدوان في تشرين الأول الماضي، وتستعيد جارة جبل الشيخ حركتها مع تحسّن الطقس، فيما يأمل أهلها بموسم كرز مزدهر كما في كل عام.في الأيام الأولى للعدوان، استشهد العجوزان خليل هاشم وزوجته رباب العاكوم بقصف مدفعي استهدف منزلهما الواقع في أطراف البلدة. ومع تصاعد الاعتداءات على شبعا وكفرشوبا والهبارية وكفرحمام، نزح حوالي 450 عائلة من سكانها المقيمين بشكل دائم. لاحقاً، بعد تركز القصف على أطرافها، عاد معظم النازحين. ومن أصل حوالي أربعة آلاف مقيم، لا يزال حوالي 20 في المئة خارج البلدة، ممن تقع منازلهم في الأطراف الخطرة.

حركة عادية تشهدها شوارع شبعا على مرأى من موقع الرادار الإسرائيلي الواقع في مزارعها المحتلة، فتزدحم أزقتها بالسيارات والمارة. أطفال يلعبون كرة القدم في الشارع، ونسوة يتحلقن أمام المنازل. والمحال مفتوحة، والمدارس لم تقفل أبوابها بخلاف مدارس بلدات العرقوب كافة. لكن هذه الحركة رغم ما تضفيه من بركة في المحيط الواقع في قلب العدوان، لم تنسحب على كل القطاعات. إذ يشير مختار شبعا إبراهيم نبعة إلى خسائر تكبدها الأهالي جراء العدوان، ولا سيما في قطاع الزراعة وتربية المواشي الذي يعتاش منه معظم المقيمين. ويقول لـ«الأخبار»: «كانت شبعا تنتج الخضر الشتوية كالفول والبازيلاء والثوم بكميات كبيرة، لكن الاعتداءات منعت المزارعين من الوصول إلى أراضيهم والعناية بها بشكل مستدام. فالزراعات كانت تتركز في وادي شبعا وعين الجوز وشميس التي تتعرض للاعتداء من مرابض المدفعية الواقعة في تلال شبعا. في المقابل، تعثّر مدخول حوالي 300 عائلة تعتمد في معيشتها على تربية المواشي وإنتاج الألبان والأجبان. فالرعي صار مستحيلاً في الأطراف التي تتعرض للقصف، وتعذّر على المربّين نقل مواشيهم إلى المشاتي في الساحل، ما أدى إلى نفوق مئات رؤوس الأغنام والبقر والماعز. ومن صمدت مواشيه، تعذّر عليه تصريف إنتاجه بسبب نزوح الزبائن من البلدات المجاورة وانقطاع أبناء المنطقة المقيمين في بيروت عن زيارتها وشراء المونة».

الانتكاسة التي توازي نكبة قطاع المواشي لحقت بموسم الكرز الذي خذلته النوعية. في وادي عين الجوز، يتفقد خضر حمدان شجر الكرز في بستانه مع بدء موسم القطاف في نهاية أيار من كل عام. يمرّ على الكرز السكري والنواري، يتفقد حباتها بيديه ويأسف لحالها. «الثمر كمياته وافرة، لكن نوعيته متدنّية. العدوان الإسرائيلي منع المزارعين من تقديم العناية اللازمة لإنتاج حبات كبيرة. من استطاع الوصول إلى حقله، كان ينقطع أحياناً كثيرة عند اشتداد القصف. لذلك، لم تحصل الشجرة على تقليم ورشّ مبيدات كافيين. فضلاً عن أن موجة البرد التي ضربت في غير موعدها في نيسان وأيار، أثّرت على نمو حبات الكرز». يشير إلى التراب في فيء شجر الكرز: «في المواسم العادية، كان المزارعون يزرعون الخضر في فيء الكرز. لكن هذا الموسم، لم يحرثوا الأرض ولم يزرعوا زراعات إضافية تحتاج إلى وجود أكثر تحت سفح موقع الرادار المعادي». كما أن كثيرين لم يتمكنوا من الوصول إلى حقولهم في بسطرة والخريبة، ومنهم من لم يقطف موسمه بسبب تعرضه للقصف بالقذائف الفوسفورية. سمير ضاهر يعدّ من أكبر منتجي الكرز في شبعا من بين حوالي 50 مزارعاً. بساتينه تنتج وحدها حوالي 500 كيلو في الموسم الواحد. هذا الموسم، تقلّصت الكمية إلى أقل من مئة كيلو. الموسم المتعثر انسحب أيضاً على الخوخ والإجاص الذي يأتي في الدرجة الثانية من الإنتاج الزراعي بعد الكرز.