لكل أمة ثقافتها، ولكل دولة دستورها، ولكل حاكم شعاراته. وثقافة الأمة الأميركية معروفة، وكذلك دستورها. أما شعار حاكمها في البيت الأبيض الرئيس دونالد ترامب، فقد سارع الى اعلان شعاره في الحملة الانتخابية أولا، ثم في الرئاسة ثانيا، وهو يتلخص بكلمة واحدة الدولار! وكانت الولايات المتحدة الأميركية تتحمّل العبء الأكبر من مالية حلف الأطلسي، وكانت تفعل ذلك باسم السياسة. وجاء ترامب وأعلن ان سياسة أميركا الجديدة هي الدفع أولا بالدولار، لكل من يطلب الحماية من ذلك الحلف! ترامب يطبق مبادئ رجل الأعمال في السياسة العامة لرئيس الدولة الأعظم في العالم! ويبدو انه مقتنع بأن أعظم تجارة في العالم هي تجارة الحروب. ولذلك كان من طليعة القرارات التي اتخذها مع نزوله بالبراشوت في البيت الأبيض، زيادة خرافية على ميزانية وزارة الدفاع الأميركية بلغت ٥٨ مليار دولار!
سلفه في البيت الأبيض الرئيس باراك أوباما فاز بالرئاسة رافعا شعار سحب الجيوش الأميركية من افغانستان والعراق، ومن الحروب بصفة عامة. ومن أوائل القرارات التي اتخذها الرئيس ترامب ارسال قوات النخبة العسكرية في الجيوش الأميركية الى الموصل في العراق. والى الرقة في سوريا. وعلى الأرجح ان حساباته تشير الى ان الحرب في هذين البلدين تمثل صفقة رابحة لأميركا! وبجردة حساب للظاهرة الداعشية في هذه المنطقة تشير الى ان المكاسب التي حققتها أميركا من حروب داعش فيها كانت رابحة لأميركا بكل المقاييس. ويطمح الرئيس ترامب الى رفع شعار تدمير دولة الخلافة الداعشية، بهدف أن تؤول وراثة الدولة اليه، ويصبح ترامب هو الخليفة الداعشي المنتظر، دون الحاجة الى واسطة أبو بكر البغدادي! ما يفعله الرئيس ترامب هو دقّ مسمار جحا الأميركي في الموصل العراقية، ثم دقّ مسمار آخر في الرقة السورية، وهكذا يكون جحا الأميركي موجودا على الأرض بعد التخلص من إرث الخلافة الداعشية، وتحين ساعة التقاسم مع الشريك الآخر على الأرض، وهو الرئيس بوتين وروسيا!
من الظواهر العجيبة في أمة العرب ان ثقافة الكراهية والتطرّف والتكفير والقتل والتدمير تجد طائفة من الجهلة والأغبياء والمضللين دينيا، من يبايع أمراء الضلال الذين يعلمون أتباعهم – باسم الاسلام – كيفية القتل في حال عدم وجود أسلحة، بالسكين والسيارة والحجر وغير ذلك. في حين ان نبي الاسلام محمد ص أوصاهم بأن من يرى منهم منكرا فليصلحه بيده فاذا لم يجد فيصلحه بقلبه أو بلسانه وهذا أضعف الايمان! ومن الظواهر العجيبة أيضا في أمة العرب، انه عندما يظهر منهم حاكم يرفع شعار اسعاد شعبه، واتباع سياسة ايجابية توحّد الأمة على ما تتفق عليه، وتستبعد ما تختلف حوله، لا يجد كلامه الأفعال الطيبة المنشودة.
اذا كان أشرار الأمة يسارعون الى مبايعة أمراء الشر، فلماذا لا يسارع أخيار الأمة ومثقفوها ومستنيروها واصلاحيوها، الى مبايعة أمير الخير اذا ظهر حاكم بهذه المواصفات من بينهم؟! ومن منطلق الانسجام مع الذات، فانني أسارع الى مبايعة الشيخ محمد بن راشد على دستور سعادة الشعوب العربية، وتوحيد الأمة بالسياسة الايجابية، ولا أعاهده على السمع والطاعة اذا خرج عن ذلك الدستور!