حزب الله مرتاح بعد الانتخابات البلدية. صحيح أنها تركت ندوباً في أجسام كل الأحزاب والتيارات والقوى السياسية. إلا أنها، في جسم الحزب وحليفه حركة أمل، ليست من النوع الذي يخلّف آثاراً دائمة، بل ترتبط حصراً بالطبيعة المحلية ــــ القروية والبلدية ــــ للاستحقاق، ولا تتعدّاه الى الخلاف على الاستراتيجيات والخيارات السياسية.
الحزب مرتاح، أيضاً، لأن إجراء الانتخابات أشّر الى استمرار مظلة الحماية الدولية للاستقرار الداخلي، وإن كان ذلك بدرجة أولى لمصلحة غربية لا تريد لبنان «مصدّراً» للاجئين السوريين.
وهو مرتاح، أيضاً وأيضاً، لأن إتمام الاستحقاق أثبت عدم صحة كل التهويلات حول الانعكاسات السياسية والأمنية لقتاله في سوريا على الداخل اللبناني. ولأن هذا القتال الاستباقي حدّ بشكل كبير من خطر الارهاب التكفيري على الداخل. صحيح أن الخطر قائم في كل لحظة، إلا ان «الانكفاء» الحالي هو نتاج عجزٍ عن الفعل، لا نتيجة قرار بالتهدئة.
في السياسة، الرسالة الأبرز التي يقرأها حزب الله بعد الاستحقاق البلدي أنه «آن لبعض القوى أن تعرف حجمها الحقيقي بعدما بيّنت النتائج تبدّلاً في المزاج الشعبي».
نائب الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم اعتبر، في دردشة مع «الأخبار»، أن هذا التبدل «يحتّم علينا وضع قانون للانتخابات النيابية يعيد انتاج السلطة ويجعلها تحت المساءلة، ويعطي تمثيلاً حقيقياً لكل الشرائح. فلا يغلّب أكثرية مصطنعة على أقليات بيّنت الانتخابات البلدية أنها ذات حيثيات تمثيلية. وهذه القاعدة تنطبق على قانون واحد هو النسبية على مستوى لبنان». أما ما يُطرح من اقتراحات ومشاريع قوانين انتخابية في اللجان النيابية والفرعية «فمنطلقاتها حسابات الجهات السياسية في الربح والخسارة، وما تعتقد أنه يعطيها الأرجحية ويساعدها في الحفاظ على مكتسباتها الحالية».
العودة الى «الستين» مغامرة و«حتماً» لن يحفظ للمستقبل حصته
ولفت قاسم الى أن «إضاعة الوقت في الغرق في تفاصيل بعض الاقتراحات غير القابلة للتحقق، ومنها اقتراح القانون المختلط (قدّمه المستقبل والقوات اللبنانية والحزب التقدمي الاشتراكي)، يشير الى أن البعض يرغب في أن يداهمنا الوقت لنكون، مرة أخرى، أمام قانون الستين لأنهم يعتقدون بأنه يعطيهم المكتسبات الحالية نفسها». و«الفريق الأبرز» في هذا «البعض» هو «حزب المستقبل الذي يريد من أي قانون انتخاب أن يبقي على وضعيته الحالية».
ودعا نائب الأمين العام لحزب الله تيار المستقبل الى «موقف شجاع بقبول تمثيله النيابي وفق النسبية. فبعد البلديات لم تعد تنفع المكابرة ولا إبراز الأوزان من خلال عدد النواب». ونبّه من «مغامرة» العودة الى قانون الستين الذي «حتماً لن يحفظ للمستقبل حصته بعدما كشفت الانتخابات البلدية الأحجام الحقيقية. يخطئون جداً إذا اعتقدوا بأن الستين سيحافظ على مكتسباتهم الحالية نفسها»، لافتاً الى «متغيرات عدة»، أبرزها تحالف التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية «الذي سيكون له تأثيره على نتائج الانتخابات قضماً من حصة المستقبل في المناطق المشتركة». كما «ان هناك قوى سنية أخرى لها حيثيتها التمثيلية، عجز المستقبل عن تجاوزها في البلديات، وسيكون عليه عدم تجاوزها في الانتخابات النيابية». أضف الى ذلك أن «كتلة المستقبل النيابية نفسها أصابها التشظّي بفعل الخلافات الداخلية وخروج البعض منها. وبدل الكلام عن مشكلة استمرارية 14 آذار، بات النقاش اليوم حول استمرارية الكتلة نفسها بشكلها الحالي».
أما في ما يتعلق برئاسة الجمهورية فـ «لا جديد بعد. وقد نصل الى الانتخابات النيابية من دون رئيس بعدما علّقت السعودية كل الملفات في المنطقة في انتظار نتائج الانتخابات الأميركية». حزب الله على موقفه بدعم العماد ميشال عون «الأقدر على إحداث توازن وطمأنة المسيحيين في هذه الأجواء الملتهبة في المنطقة»، ولأنه «لا يمكن تجاوزه ضمن المعادلات القائمة بسبب حيثيته التمثيلية وتحالفاته السياسية». أما أي طرح آخر من نوع ولاية من سنتين أو ثلاث وخلافه، «فلا حظوظ له بالنجاح ما دام العماد عون مرشحاً».