قانون الإنتخاب الجديد ليس منزّلاً. ليس إنجيلاً وليس قرآناً. ولا هو الدستور، هذا كله صحيح، ولكنه «حَدَثٌ» بكل ما للكلمة من معنى، فليس بالأمر البسيط أن ينتقل لبنان للمرة الأولى (منذ نحو قرن أو أقل بقليل) من النظام الإنتخابي الأكثري الى النظام النسبي.
إنها محاولة إصلاحية مهمة حدثت بعد نضال طويل، وهي (أي النسبية) كانت مطلب جيلنا والأجيال التي سبقته. وكثيراً ما كنّا ننزل الى الشارع لنطالب بإصلاحات إنتخابية وفي طليعتها إعتماد النسبية التي كانت، الى ذلك، مطلباً أثيراً في أدبيات أحزاب كثيرة كالحزب التقدمي الإشتراكي وجبهة النضال الوطني النيابية (برئاسة المرحوم كمال جنبلاط) على سبيل المثال لا الحصر.
واليوم باتت النسبية قانوناً كامل الأوصاف، أو شبه كامل، لأننا، وآخرون، نسجل تحفظات وربما إنتقادات واعتراضات. وهذا حق مشروع في بلد ديموقراطي مثل لبنان. إلاّ أنّ لجوء بعض الأطراف الى إستغلال المناسبة للمزايدات والإدعاءات و«تبييض الوجوه» أمام الناس، في مرحلة الإستعداد للإنتخابات، فهذا مرفوض جملة وتفصيلاً.
وفي يقيننا أنّ اللبنانيين لم تعد تجوز عليهم هذه الديماغوجية المكشوفة، خصوصاً من الذين يمتطونها على أمل أن توصلهم الى تحصيل الأصوات في المواجهة الإنتخابية في الربيع المقبل.
وهذا ما يدفعنا الى القول إنّ الأسلوب الذي يعتمده القيادي الشاب النائب الشيخ سامي الجميّل ليس موفقاً. نقولها بصدق وبمسؤولية وبصداقة عريقة نعتز بها مع هذه الأسرة اللبنانية الكريمة ومع الحزب التاريخي الكبير الذي كان له الحضور الكبير جداً في تاريخ هذا الوطن. ونقولها بالتحديد حرصاً منّا على ما تبقى من هذا الحزب العريق بعدما رأينا أنّه ربما يعاني من قيادة الشيخ سامي الذي نرى فيه خروجاً على قاعدة التزمتها الأسرة وسار عليها الحزب طويلاً وهي خوض المعارك ولكن بواقعية وليس (وليؤذن لنا القول:) بديماغوجية.
لقد خبر اللبنانيون الشيخ سامياً في معارك عديدة غلب عليها طابع الإرتجال والبروباغندا. والمثال الأكبر على هذا الكلام معركته في مسألة النفايات… وربّـما نكون (على صعيد شخصي) نريد من هذه المسألة مثلما يريد وأكثر، إلاّ أن أسلوبه الإستعراضي في خوضها دفعنا الى ترك منازلنا بعدما تعرضنا لغزو النفايات والروائح الكريهة والأضرار البيئية عموماً والصحية تحديداً.
والسؤال البديهي الذي يطرح ذاته بواقعية وصدق: أليس أنّ رئيس الكتائب يعارض الحكومة لأنه لم يحظَ بالحقيبة التي أرادها له أو لحزبه لا يهم؟!. فهل كانت معارضته مبدئية أو تراها على نوع الحقيبة وأهميتها؟!. وهل من يُنكر هذه الحقيقة.
طبعاً نحن نقول بالمعارضة وهي، في اقتناعنا، ذات أهمية توازي (إن لم تكن تفوق) أهمية المشاركة في السلطة، ولكن المعارضة على قاعدة مبدئية وليس على أي قاعدة أخرى معروفة!
ونعود الى قانون الإنتخاب لنقول للحاملين عليه: رويدكم، أقله لا يفوتكم ما في النسبية من فوائد في مصلحة صدقية العملية الإنتخابية واحترام إرادة الناخب.
وأما الشيخ سامي فليرأف بحزب الكتائب…