إن قيادياً على مستوى رئيس حزب الكتائب، وبالذات من نوعية الشيخ سامي الجميّل كان مفترضاً فيه أن يبادر الى الترحيب بتحريك النيابة العامّة في موضوع الإتهامات التي وجهها من بكركي، لا أن يكون مستاء من تصرف وزير العدل سليم جريصاتي.
لماذا أطلق الشيخ سامي الإتهامات الشهيرة؟ هل لمجرّد إعلانها أو في سبيل أن تأخذ العدالة مداها في مكافحة الفساد الذي يحمل الشيخ الشاب لواء التصدّي له؟
اعترف بأنني فوجئت برد فعل رئيس الكتائب على موقف وزير العدل، ولست وحدي من صدمه هذ الموقف، إنما هذه كانت رد فعل الكثيرين الذين يرون ما إذا كان هناك من إتهامات فيجب أن يحقق فيها القضاء. والإتهامات موجودة، واستأثرت بمساحات واسعة من وسائط الإعلام على خلافها بثاً مباشراً من بكركي وفي مقدمات ومتون نشرات الأخبار الإذاعية والتلفزيونية وفي مواقع التواصل الإجتماعي، وطبعاً في «مانشيتات» الصحف (…)
ونحن نريد أن نصدّق الإتهامات التي وجهها رئيس حزب الكتائب، خصوصاً أنه سبق له أن لجأ الى القضاء في مسائل مماثلة. فأين المشكلة؟! وهل نصدّق أنّ المسألة ذات صلة بالحريات العامة في لبنان، وحرية القول خصوصاً. وحرية الرأي عموماً؟!.
ولقد أزددنا إقتناعاً بأن المسألة سياسية من قبل الشيخ الرئيس قبل أن تكون كذلك من قبل السلطة التي إتهمها بأنها تستعيد زمن الوصاية السورية. وفي علمنا وعلمه أنّ وزير العدل ينتمي الى فريق كان الأكثر تعرّضاً للقمع (الحقيقي) من تلك السلطة. من هنا لا نرى إن هذا التشبيه موفّق.
قال الشيخ سامي، مساء أمس، وعن حق: من حقي كنائب لبناني أن أتخوّف من صفقة الغاز والنفط، ومن حقي كنائب أن أعرب عن رأيي أمام الرأي العام. صحيح جداً. ولكن من حقنا كمواطنين أن نعرف الحقيقة في الإتهامات التي أطلقها. ومن هي الجهة الأكثر ملاءمة وذات الدور الحصري في كشف تلك الحقيقة؟ إن النائب الجريء، والذي نكن له الإحترام، يعرف من مواقعه كلها وأبرزها من كونه محامياً في الإستئناف أنّ القضاء هو المكلّف أن يكشف تلك الحقيقة، فتزال الإشكالات وتسقط التساؤلات كلها… خصوصاً وأنه معروف عنه لجوؤه الى القضاء غير مرة.
ونود أن نصدق القول للشيخ الشاب الذي نقدر كثيراً حميته ووطنيته بأن اللبنانيين لم يقبضوا محاولات نقل القضية الى قضية حريات… فالأمر ليس بهذه البساطة…
أكيداً أن أحداً لا يناقش الشيخ سامي في حقوقه ليس فقط كنائب «يشرّع ويراقب»، ولكن في المطلق كمواطن لبناني حرّ. ولكن من حق الناس أن تعرف الحقيقة من المرجع الصالح. وليت رئيس الكتائب يتقدّم بأوراقه وملفاته ومعلوماته أمام القضاء فيكسب الرأي العام جميعاً.
وبيت الكتائب الذي نعرف ونحب ولنا فيه ذكريات إعلامية مع تلك القافلة من الكبار الكبار كان مقراً للحقيقة وليس للإتهامات غير الموثقة. فتفضل شيخ سامي وقدم معلوماتك وكلنا معك.