IMLebanon

مشايخ ضدّ وطنهم!!

 

كأنّنا في بداية سبعينات القرن الماضي، كأنّه لم ندفع في لبنان أثماناً هائلة بيع كثيرين ضمائرهم وتقديم مصالح الفلسطينيين ميليشياوياً وأمنياً واجتماعياً على مصالح لبنان ومواطنيه، لم أصدّق بالأمس أنّه لا يزال هناك في لبنان «عيّنات» من تلك التي باعت وطنها وشعبها ورهنت نفسها لمصالح الآخرين، إلا أننا وبعد كلّ ما عايشناه منذ سبعينات القرن الماضي نتساءل هل سيجرؤ شيخ ـ وإن شغل منصب مفتي منطقة ـ بفتح «دكّانة فتاوى» على حسابه وبعيداً عن مرجعيّة دار الفتوى ورأسها مفتي البلاد ليُحرّم «الإلتزام بقرار وزارة العمل اللبنانية»، ومن عجب الأشياء أننا وبعد كلّ الأثمان التي دفعها لبنان وشعبه بسبب الفلتان الفلسطيني وعلى كل المستويات، يخرج علينا «مفتي صور» بلغة شحن طائفي لا تليق أبداً بعمامته ليقول: «لا يحلُّ لأحدٍ من المسلمين أن يلتزم بأيّ قرارٍ وزاري فيه إساءة أو أذى للإخوة الفلسطينيين»، يا حضرة مفتي صور، كيف تقبل على نفسك أن يكون المواطن اللبناني تحت القانون فيما تحرّض طائفيّاً المسلمين اللبنانيين لجعل الفلسطيني «فوق القانون»؟!

 

هذا الدّرس تعلّمناه، وحفظناه عن ظهر قلب، كلّ مقيم في لبنان سواء أكان لاجىء سوري أو فلسطيني أو عامل أجنبي مصري أو هندي أو سوداني أو فليبيني أو من أي جنسية كانت مثله مثل أي مواطن لبناني هو تحت القانون، إنّ ما تفعله وزارة العمل هو ترجمة لما يطالب به اللبنانيّون منذ استشرى فلتان الأيدي العاملة وأصحاب العمل «عن أبو جنب»، ليس مقبولاً أن تخرج علينا العمائم بخطابٍ فتنوي يسعى لإعادة الزمن إلى الوراء بحجّة أنّنا مسلمون والفلسطينيّون مسلمون، هذا خطاب مسموم مرفوض ومردود على أصحابه ولا مكان ولا مكانة له اليوم عند أي مواطن لبناني وخصوصاً المسلمين اللبنانيّين، ونقطة على السطر.

 

ونحن هنا، نربأ بمفتي البقاع الشيح الجليل خليل الميس شفاه الله وعفاه أن يسمح للبعض بتوريطه في هذا الموضوع الذي لا يؤذي الفلسطينيين بل على العكس يجعل عملهم في لبنان قانونياً خصوصاً وأنّهم معفيّون من دفع بدل إجازة عمل، بل يحصلون عليها مجاناً، والكلام الصادر بالأمس عن وزيري العمل والصناعة كميل أبو سليمان ووائل أبو فاعور واضح لا لبس فيه من هذه الناحية، ليس مقبولاً كائناً من كانت المرجعية الدينية التي قررت أن تورّط نفسها من دون اطّلاع على حقيقة الأمر أن تسمعنا كلاماً من عيار: «بلد العروبة والمروءة لبنان»، حضرة مفتي البقاع، لم يعد هناك شيء اسمه «العروبة» ولبنان أكثر وأكبر من دفع ثمن هذا المصطلح السياسي العفن الذي لم يستخدم إلا لاحتلال «العروبة» لأرضنا، ولبنان بالمناسبة دولة ذات سيادة ولم يعد سبيلاً تحت مسمّى «المروءة»، ولا نعرف إن كنت على اطلاع على أوضاع مواطنيك اللبنانيين والأزمات المعيشيّة الكبرى التي يعيشونها، هذا الكلام الإنشائي من زمن الخمسينات والستينات لن يجد أذناً صاغية في العام 2019!

 

 

لا يوجد دولة عربيّة واحدة يحقّ فيها للفلسطيني أن يكون فوق القانون وأن يعمل من خارج إطار الأوراق القانونيّة التي تنظّم عمله في هذه الدولة، زمن العزف «على الربابة» الطائفيّة والدينيّة ولّى، وعلى الدولة اللبنانيّة والوزارات المعنيّة أن تدافع عن حقوق المواطنين اللبنانيين، فالمواطن اللبناني أوّلاً وقبل كلّ الآخرين، وهو تحت القانون ولن نقبل أبداً تحت أي مسمّى يفقد اللبناني حقّه والدولة سلطتها أن يكون للغريب الحقّ في أن يكون وبوقاحة فوق القانون وقبل ابن البلد أيضاً!

 

ميرڤت سيوفي