Site icon IMLebanon

حكومة شينكر لضمان المفاوضات اللبنانية – الإسرائيلية

 

ليس أمراً عادياً أن يتم الاتفاق على إجراء مفاوضات لترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل بعد عيد “العرش” اليهودي، وأن يتم الإعلان عن هذا الإتفاق بالتزامن في كل من واشنطن وتل ابيب وعين التينة البيروتية.

 

في تل ابيب تولى الإعلان وزير النفط، وفي واشنطن وزير الخارجية، أما في لبنان فقد تولاه رئيس المجلس النيابي الركن الثاني في الثنائي “الوطني” المستجد. في الجانبين الأَولين تحدثت السلطة التنفيذية، ومن الجانب اللبناني رئيس السلطة التشريعية بصفاته المتعددة، رئيساً لحركة المحرومين، الزعيم الجنوبي، ممثلاً للمقاومة “الإسلامية” التي يقودها الحزب الموالي لإيران ونصيرها الأول في “غرب آسيا”.

 

ربما عَنى ذلك طمأنة لـ”العدو الصهيوني”، وهو في جانب منه ينسجم مع مشروعها القديم في التفاوض مع المذاهب المسلحة. والعدو المذكور الذي يتمسك بيهودية الدولة يهمه تعميم منطق دويلات المذاهب من حوله، فبذلك يضمن حقوقه السماوية فيما تنصرف تلك الدويلات الى معاركها بحثاً عن أقصر الطرق الى السماء، لا الى الجليل.

 

بعيداً من هذا الاستطراد لم يكن ما جرى عادياً في منطقة مشتعلة بالتناقضات من ليبيا الى القوقاز، وتخوض فيها ايران ذات النفوذ الراسخ في لبنان ثلاث معارك “مصيرية”:

 

– الأولى ضد اسرائيل التي تكرر التهديد بإزالتها، أحياناً خلال سبع دقائق ونصف الدقيقة، واحياناً أخرى بواسطة الصواريخ الجاهزة في لبنان.

 

– الثانية ضد دول الخليج العربي وغيرها بحجة رفض اتفاقات السلام مع اسرائيل.

 

– الثالثة ضد الوجود الأميركي في كل المنطقة. وهذه معركة أعطتها ايران ومنظماتها الأولوية خصوصاً بعد اغتيال الجنرال قاسم سليماني.

 

في هذا الخِضَمّ اعلن لبنان، بقيادة حلفاء ايران، إنخراطه في مفاوضات مع العدو الأصغر يرعاها الشيطان الأكبر بهدف ترسيم البحر ونزع ما يمكن أن يتحولّ يوماً الى مشروع مزارع شبعا المائية.

 

يحصل ذلك، ولبنان من دون مال أو حكومة، ونظام المؤسسات فيه لا يعمل الا بالقطعة، والتفاوض على قيام حكومة جديدة معطّل وممنوع.

 

انتهت مهلة ماكرون الأولى لتشكيل تلك الحكومة الى الفشل، ومن أفشلها يفخر بنجاحه في بدء التفاوض مع اسرائيل مع انطلاق المهلة الماكرونية الثانية. ربما كانت تلك إشارة نهائية للفرنسيين أن لدوركم حدوداً، وأن التفاهم مع اسرائيل برعاية الشيطان الأكبر أسهل من التفاهم مع “الرباعي الرئاسي السابق”، وإذا ذهبت التكهنات الى مداها، فسيقع تشكيل الحكومة على عاتق ديفيد شينكر، الذي سيسعى من دون ريب الى تشكيلة تضمن إنجاح الاتفاق المرتقب مع اسرائيل ثم حُسْنَ تنفيذه، وتنصرف الى معالجة ما يعانيه الشعب اللبناني بشرائحه المقاومة والمستسلمة.