IMLebanon

هل يمكن أن يخرج من الطائفة الشيعية مشروع مناهض للثنائي؟

 

 

ثلاثة أسئلة أمام أي مشروع مناهض للثنائي يخرج من الطائفة الشيعية: هل يقدّم البعد الوطني أم البعد الطائفي؟ وهل ما تعاني منه الجماعة الشيعية يشبه باقي الجماعات الطائفية؟ وهل المشروع المناهض للثنائي تاريخ يكرّر وجوهه أم مشروع يثبت وجوده؟

 

يتميّز العمل السياسي في البيئة الشيعية بتداخل جدلي بين البعد الوطني والبعد الطائفي. هذا التداخل يعكس تعقيدات الهوية السياسية للجماعات الطائفية في لبنان، بما فيهم الشيعة. إذ لا يمكن إغفال البعد الطائفي ودوره في تشكيل الهوية الوطنية في مجتمع يقوم على ائتلاف الطوائف. هنا تقع المجموعات اليسارية في تناقض مزدوج لدى تعاملها مع مشروع الاعتراض الشيعي: بإنكارها الأطر الطائفية كعامل اجتماعي، فتتعامى عن واقع الحال القائم وتستمدّ منه نفس الأدوات الطائفية لرفضه.

 

لا قيامة لأي مشروع مناهض للثنائي إلا مع ضرورة العمل على مستويين: العام الوطني والخاص الموضعي، لمواجهة وتخطّي ما يمكن اصطلاحه تحت مسمّى “المسألة الشيعية”. وهي محنة الشيعة ونكبتهم. هي مراكمة الهزائم تحت الإصرار على الترويج لها بوصفها انتصارات إلهية باهرة أو إرادة عليا قاهرة. والخروج من “المسألة الشيعية” يعني الاعتراف بالهزائم بوصفها الموضوعي المجرّد من شحن العواطف وإعماء الإيديولوجيا وطموح الحكم. إن الهزيمة العسكرية للشيعة ضرورة من أجل انتظام السلطة في مجتمع تقوم فيه الدولة بأدوارها. وإن ضمان الحريات للفرد ضرورة لتنمية المهارات والقدرات التي تسمح بتغذية وعي المواطنية بوجه إلزامات “المسألة الشيعية”. وعليه، يمكن أن يخرج من الطائفة الشيعية مشروع مناهض للثنائي؛ يواجه بأدبيات الشيعة وأدواتهم مشروع “حزب الله” الإيديولوجي ويكون في الوقت نفسه جزءاً من مشهد وطني جامع. إن “المسألة الشيعية” لا تنسجم مع العقد الاجتماعي اللبناني وتقتضي مواجهتها من خارج مشروع إلغاء الطائفية السياسية على وجه الحصر، إذ إن ما تعاني منه الطائفة الشيعية على وجه التحديد لا تعاني منه باقي الجماعات الطائفية على وجه الإجمال. إن تجارب الاعتراض الشيعي في ظل مقاربات اليسار تخدم ببنيتها القاعدية إيديولوجيا “حزب الله” وقوى الممانعة.

 

بينما حاضنة العائلات التقليدية الشيعية مهمّة على صعيد الواقع الاجتماعي القائم، ولكنها غير كافية للإطلالة على مشروع شامل ومنظّم ومستدام. كما ينبغي مخاطبة الفئات الشابة والالتقاء مع طروحات الحداثة، ويكون المشروع السياسي البديل أكثر جذرية لناحية تبنّي خيار الحياد والسلام، كبديل جدّي لمشروع “حزب الله” القائم على استمرارية المواجهة والحرب.