تؤشّر عودة الحيوية إلى الحراك الرئاسي رغم دخول البلاد فعلياً في عطلة عيد الفطر، إلى مستجدات تتحكّم بالملف الرئاسي ومرتبطة بمعالم التحالفات الإقليمية والدولية الجديدة التي انعكست خطوات توافقية متقدمة على الساحة الداخلية شكّل التفاهم النفطي بين رئيس المجلس النيابي نبيه بري ووزير الخارجية جبران باسيل عنوانها الأول.
ويكشف مطّلعون على الإتصالات الجارية في الكواليس السياسية عن تقدّم طفيف وجدّي في عملية إقناع القوى التي كانت متمسّكة بمواقفها المعلنة إزاء إجراء الإنتخابات النيابية قبل الإنتخابات الرئاسية، بأن العنوان الرئاسي يتقدّم على أي استحقاق إنتخابي آخر بعدما دخلت المؤسّسات في دائرة الشلل شبه الكلي نتيجة الأزمات المتراكمة. ومن هنا، فإن أجندة الحوار الوطني المرتقب قد تلحظ بعض التحوّلات التي ستأتي مترجِمة للحراك السياسي الراهن على مستوى القيادات، وذلك انطلاقاً من قناعة بدأت تتكوّن لدى غالبية أقطاب الحوار الوطني، بأن أي ربط ما بين الإستحقاق الرئاسي اللبناني وأي استحقاقات إقليمية ودولية، بات يهدّد بانهيار المؤسّسات وسقوط معادلة الإستقرار نتيجة مسلسل الإرهاب الذي يضرب لبنان وعواصم المنطقة من دون أي استثناء.
ومن ضمن هذا السياق، فإن ما حصل من تفجيرات إرهابية في بلدة القاع، كما في بغداد وفي المملكة العربية السعودية، وقبلها في اسطنبول، إنما يدفع بكل الأطراف الدولية عموماً والإقليمية خصوصاً، إلى مراجعة خياراتها وسياساتها المعتمدة منذ سنوات في المنطقة، والتي تنعكس بشكل مباشر على الأجندة اللبنانية المجمّدة عند العجز عن حصول توافق سياسي يؤدي إلى انتخاب جديد للجمهورية، رغم كل الآثار الكارثية المترتّبة عن الشغور الرئاسي الطويل.
ويؤكد المطّلعون، أن اصطدام المبادرات المحلية بالرفض ذات الأبعاد الخارجية، قد دفع بأي حوار رئاسي إلى الدوران في حلقة مفرغة، إلى أن أتت التحوّلات الأخيرة التي أسقطت كل المعادلات التي كانت قائمة على أساس تموضع سياسي استجدّ منذ تفاهم معراب ومصالحة العماد ميشال عون والدكتور سمير جعجع. لكنهم استدركوا لافتين إلى أن استمرار الجمود لن يخدم أي طرف داخلي مهما بلغت قوته، كون الإنعكاسات المباشرة وعلى المدى القصير في مجالي الأمن والإقتصاد قد أصبحت أكثر من سلبية ولامست الخطوط الحمراء، التي لا بد وأن تطال الجميع في معسكري 8 و14 آذار. ولاحظ هؤلاء، أن عملية خلط الأوراق التي بدأت في الجوار، قد امتدّت إلى الساحة الداخلية، وقد برزت بوضوح من خلال التحرّكات المتقدّمة للمرجعيات، وفي مقدّمها الرئيس نبيه بري، الذي يقارب هذا الملف من زاوية مختلفة عن كل الزوايا السابقة.
وإذا اعتبر المطّلعون أنفسهم، أنه من المبكر البناء على اللقاءات التي حصلت في الأيام الماضية إن في عين التينة وفي بيت الوسط وأخيراً في الرابية بين النائب وليد جنبلاط والدكتور سمير جعجع، وذلك من أجل إحداث خرق قريب في جدار الشغور الرئاسي. فإنهم تحدّثوا عن ضيق الأفق أمام الجميع، لافتين إلى أن تحريك ملف الإستحقاق الرئاسي سيكون الحجر الذي سيحرّك المياه الراكدة في أكثر من ملف، وصولاً إلى إحداث تغيير جذري في روزنامة الملفات الداخلية.