Site icon IMLebanon

الثنائي الشيعي في حل من الاتفاق الانتخابي بعد الاثنين المقبل

لا يبدو في الافق ما يبشر بحل جدي او قريب، على مستوى قانون الانتخابات النيابية، بل على العكس، فكل يوم يمر من أيام المهلة الدستورية الفاصلة عن موعد الجلسة الاولى في العقد الاستثنائي للمجلس النيابي الحالي، والتي يفترض انها مخصصة لبحث واقرار القانون الذي تمت الموافقة على هيكليته العامة وعناوينه الاساسية قبيل افطار بعبدا الشهير، ووضعت اللمسات الاخيرة للانطلاق به، خلال الخلوة التي سبقت الافطار بين الرؤساء الثلاثة ميشال عون ونبيه بري وسعد الحريري، وبالتالي فان كل شرط اضافي يوضع في سلة القانون النسبي المعول عليه هو عبارة عن شرط تعقيدي معرقل للاتفاق، لا بل انه عبارة عن عبوة اضافية من شأنها ان تنسف كل الاسس التي تم التوافق بشأنها في تلك العشية.

في هذا السياق يكشف مصدر مقرب من قوى الثامن من آذار ان سلة الشروط التي تضعها قوى باتت معروفة للجميع، هي سلة تعجيزية ومستحيلة التحقيق، وهي بذاتها شروط توحي بأن الجهات التي تتولى التفاوض في الجانب المسيحي، تتعاطى مع كل القوى الاخرى على الضفة الثانية بالمعايير نفسها والمشكلة الكبرى بالتالي انها تتصرف بعقلية من انتصر لتوه في حرب طاحنة، سياسية او عسكرية، ويأتي ليفاوض فلول المهزومين والمستسلمين ويوزع عليهم فتات السلطات والمواقع بالشكل الذي يرتئيه، ويفرض شروطه عليهم، وهو تصرف بعيد عن المنطق والوقائع ومجريات الامور ويدفع نحو التفجير والصدام الذي يرى المصدر انه بات شبه حتميا على المستوى السياسي، في ظل تعنت رئيس التيار الوطني الحر واصراره على تحصيل ما يراه حقوقاًَ للمسيحيين  من وجهة نظره.

ويرى المصدر انه اذا كانت للوزير باسيل أجندته الخاصة وطموحاته الاستئثارية على الساحة المسيحية، فان ذلك شأن يعنيه شخصيا كما يعني القوى المسيحية الاخرى التي يحاول محاصرتها والتضييق على بعضها، ويعمل على إلغاء بعضها الاخر، من خلال «القصقصة» والتركيبات الهجينة للقوانين الانتخابية والاقتراحات التي يتصور انها السبل التي تؤدي في نهاية المطاف الى فرض مرشحيه للانتخابات النيابية.

واذا كان طموح باسيل على هذا المستوى من حقه الطبيعي والمشروع، لكن ليس من حقه ان يوقف المسار السياسي في البلاد ويعرقل كل الصيغ الانتخابية التي يتم التوافق عليها بين القوى المختلفة بانتظار ان تتبين حصصه الشخصية المنسجمة مع تطلعاته الخاصة على المستوى الفردي، وليس له بالتالي ان يضع العراقيل والعقبات أمام اي اتفاق من شأنه ان يفضي الى اجراء الانتخابات النيابية التي بات اتمامها ملحا وضروريا أكثر من اي يوم مضى، واليوم قبل الغد، للشروع بورشة الاصلاحات الاخرى، والتفرغ لقضايا وملفات أساسية بهدف تحصين الساحة اللبنانية من تداعيات ما يجري في المنطقة والاقليم، وما يرسم لها من حروب تؤدي الى خرائط وحدود جديدة مختلفة عن حدود الثنائي «سايكس بيكو» الشهيرة، لا سيما وانها عراقيل باتت من النوع المؤذي داخليا والذي يشرع الساحة اللبنانية على اخطار شتى لا تتوقف عند خطر ضم لبنان الى خارطة الازمات الاقليمية والدولية. وتعليقه على حبل انتظار الحل الشامل، الذي ليس ثمة أي دليل على اقترابه في الافق، بل على العكس من ذلك حيث تتجمع مؤشرات عديدة توحي بأن أي حل لن يبصر النور قبل حرب كبيرة ستكون عالمية على الارجح. وعند الوقوع في المحذور لن يعود الندم ينفع أحدا.

وانطلاقا من هذه المعطيات يعتبر المصدر السياسي ان الثنائي الشيعي ولا سيما «حزب الله» تحديدا لا يرى في باسيل وحزبه سوى حليف موثوق على المدى الطويل فعلاً، ولا يريد له ان يتعثر في مشواره السياسي، ولهذا السبب فانه يحاول حماية باسيل من نفسه اولا، لأن طروحاته السياسية في هذه الآونة تنم عن جموح واستعجال في الوصول الى مناصب محددة، وهو ما يرى فيه الحزب مجازفتين كبيرتين على المستويين الوطني من جهة والشخصي من جهة ثانية، من شأن كل منها ان تؤدي الى السقوط في الهاوية، واذا كان اللعب على حافة الحفر بالشأن الخاص المتعلق بمستقبله السياسي يخصه وحده دون سواه، حتى ممن يرغبون ببقائه حليفاً أزلياً، فان اللعب على مستوى المنجزات الوطنية المحققة حتى الان ليس من شأنه وحده، وبالتالي فإنه لا يستطيع التصرف والمجازفة على هواه، لان تلك المنجزات تعني كل المكونات اللبنانية، وليس له تاليا ان يقرر وحده هوية الدولة والكيان اللبناني وطبيعة الحكم فيه.

ومن هنا كان رفض «حزب الله» على لسان ممثله في اجتماع بيت الوسط مطلع الاسبوع الحالي قاطعاً في عدم الموافقة على الرزمة الطائفية التي أراد باسيل الحاقها بالاتفاق الانتخابي القاضي بتقسيم لبنان الى 15 دائرة انتخابية، مع علم الثنائي الشيعي التام بان ما حصل عمليا هو العودة الى اعتماد القضاء كدائرة انتخابية، وان بمسميات اخرى وضع لها طربوش النسبية لارضائه، ومع ذلك وافق عليه على مضض، رغم انه تعرض ويتعرض لحملات انتقاد قاسية وصلت الى حد ادانته، من حلفائه العلمانيين عموما ولا سيما من الاحزاب الشيوعية والقومية وحركة الشعب والمردة ومن كل القوى المستقلة الحليفة الاخرى بأن الثنائي الشيعي المعول عليه وحده دون سواه، دخل في بازار التقاسم الطائفي والمذهبي وانه بموافقته هذه يكرس تطييف لبنان و«الفدرلة» من خلال تقسيمه الى مزارع طائفية وكانتونات مذهبية لتكريس بعض الزعامات السياسية والطائفية.

من هذا المنطلق رفض الثنائي الشيعي وسيرفض اي زيادة واي تكريس واي شرعنة لأي واقع طائفي جديد، وهو وافق وما يزال، على اعتماد القضاء كدائرة انتخابية تحت مسمى تقسيم لبنان الى 15 دائرة على النظام النسبي الذي يراد تفريغه من مضمونه ومن شكله التعددي باقتراحات ملازمة له. وهذا الثنائي الذي يدرك جيدا ان قدره ان يخوضها عن كل المكونات الاخرى التي لا تسمح لها الصفقات التي ابرمتها سابقا ان ترفع صوتها في وجه محاولات الفدرلة المقنعة رغم انها الخاسر الاكبر والاوحد على مستوى مغانم السلطة، هذا الثنائي متشبث بكل طروحاته الوطنية وسيبقى كذلك حتى يوم الـ12 الجاري، فاذا لم يتم التوصل الى صيغة مرضية وطنيا لقوننة هذا الاتفاق، فان ذلك الاتفاق سيعتبر لاغياً من جديد ولكن في المقابل فان الفراغ على مستوى المجلس النيابي ايضا ممنوع منعا باتا ولو ليوم واحد، والخيارات للحؤول دون ذلك متعددة ومتفاوت.