Site icon IMLebanon

مرشحون خافوا وآخرون جزموا: التغيير الشيعي قادم

 

 

حدس حسن خليل مقلق ورامز قمهز في المستشفى

 

يوم شارك «الحاج علي» قارئ القرآن في تشييع لقمان سليم ثم عاد واعتذر بعدما قرأ،عرف الأقربون كما الأبعدون أنه تعرض لتخوين وترهيب من عناصر صفر. إعتذر «الشيخ» على قراءته الفاتحة. وها قد نسينا. والبارحة، من كم يوم، سمعنا عن شيعة تصرفوا كما «”سبع البورومبو”» يوم ترشحوا خارج سرب «”حزب الله”» وعادوا، بعد شهر، وقالوا: نتراجع ونعتذر. تراجعوا مطبّقين قاعدة: من لدغته الحية خاف من الدود.

 

 

رامز ناصر قمهز (أمهز) وهيمن عباس مشيك إنسحبا من المعركة الإنتخابية في دائرة بعلبك الهرمل وتحديداً من لائحة «بناء الدولة». لو كنا في بلدٍ غير لبنان وغير بعلبك الهرمل وغير طغيان الثنائي الشيعي وقاعدة «المقاومة أو لا أحد»، لكنّا ظننّا أن تصرفهما أتى صدفة. لكن، كل الذين سمعوا قالوا: هذا ترهيب.

 

رامز ناصر قمهز دخل البارحة الى المستشفى. عرفنا ذلك. هو قال قبل أيام: لم يعد يشرفني الترشح في لائحة تنتمي الى «القوات اللبنانية». هو فجأة لاحظ ذلك في 22 نيسان بعد مرور نحو عشرين يوماً على إعلان اللائحة التي جمعت مسيحيين وشيعة وسنّة تحت عنوان: «بناء الدولة». فماذا عدا ما بدا؟ هل تراجع عن بناء الدولة؟ هو قال يوم أعلن التراجع: «تبيّن لنا أن اللائحة التي نحن فيها مدعومة من جهات معادية للمقاومة وتطالب بنزع سلاح المقاومة». فيا لها من مفاجأة؟ كأنه أتى من المريخ. لا يهم. معذور، بحسب أحد معارفه في الدائرة، فهو خضع لهيمنة «حزب الله» وانسحب. ومثله فعل هيمن عباس مشيك. خضع هيمن لهيمنة الثنائي الشيعي وانسحب بقرار قال من عشيرته.

 

إرهاب وترهيب

 

لائحة «بناء الدولة» تتشكل من المرشحين الشيعة: عباس الجوهري، رفعت المصري، حسين رعد ورشيد عيسى (وانسحب منها رامز قمهز وهيمن مشيك)، وتضم عن المقعدين السنيين محمد الشل وزيدان الحجيري، وعن المقعد الماروني أنطوان حبشي وعن مقعد الروم الملكيين الكاثوليك إيلي البيطار. رئيس اللائحة هو الشيخ عباس حسين الجوهري وهي مدعومة من حزب «القوات اللبنانية».

 

 

الشيخ الجوهري تعرض أثناء جولة إنتخابية له في بلدة الخضر البقاعية الى ترهيب وإطلاق رصاص. فهل خاف بدوره وقد يسلك نفس خيار زميليه المرشحين مشيك وقمهز؟ يجيب «لا شك أن المعركة الإنتخابية بدأت تسخن وتحتدم يوماً بعد يوم، وبدأ الحزب ممارسة ضغوطات هائلة، وبكل الوسائل، على الناخبين والمرشحين على لائحتنا «بناء الدولة». وبعض الناس يستجيبون للترهيب ويتراجعون في نصف الطريق، أما نحن فسنكمل المعركة الإنتخابية بدعم من الناخبين أنفسهم الذين يرحبون بنا أينما حللنا في حين يواجهون النواب الحاليين أينما إلتقوا بهم بسيل من علامات الإستفهام التي تنطلق من سؤال: أنتم ماذا فعلتم لنا وماذا فعلتم بنا؟ الناخبون تبدلوا كثيراً بين قبل والآن. إنهم يتعاملون معنا كحالة تغييرية نطالب بالتعددية وبإصلاح السياسات على المستوى الوطني وبإدارة الشأن العام وبالمناداة بالدولة وليس بأي شيء آخر غير الدولة».

 

 

المناداة بالدولة، ولا شيء غير الدولة، تعتبر جريمة من البعض. فهل الشيخ عباس الجوهري مستعد للمواجهة حتى النهاية أم سيكون مصيره كما زميليه قمهز ومشيك؟ وهل وجد جواباً لكلام قمهز بأنه تفاجأ بأن اللائحة التي دخل فيها تطالب بنزع سلاح «حزب الله»؟ يجيب «هناك ما يشبه المرض النفسي الجماعي، الذي يتمثل بالترهيب، الذي يعجز البعض عن تخطيه. فقبل يومين من إنسحاب قمهز كان يخطب في لقاء عام بأشياء مختلفة تماماً. ويشبه المقارنة بين الموقفين من يقول: كنت عاقلا فأصبحت مجنوناً. في كل حال، هو دخل بعدها الى المستشفى لأنه اكتشف حجم عمله وتأثيره عليه أولاً. هو سقط. وهو ضحية الضغط الكبير الذي عاشه في الآونة الأخيرة. وانسحابه ليس انسحاباً عادياً. وكلامه في اتجاه «القوات اللبنانية» كُتب له من «حزب الله»، الذي يتجاوز السنّة ويصبّ كل العداء على القوات لأنه يعتبر أنه بذلك يكون قادراً على شدّ العصب الشيعي أكثر. بالتالي، ما قاله قمهز ليس من بنات أفكاره وليس هو صاحب الرأي».

 

هل راجعه «المنسحبان»، بصفته رئيس اللائحة، قبل إعلانهما ذلك؟ يجيب الجوهري: «نحن مستقلون إلتقينا معاً. ويوم انطلقنا كان هناك فراغ في المقاعد السنية. لكن، حين دعم الرئيس السنيورة المرشحَين عن المقعدين السنيين على اللائحة سمى محمد الحجيري. أصبح السنيورة شريكاً، والشراكة تقتضي التعاون على دفع تكاليف الإنتخابات، غير أن السنيورة أكد أن هذا لن يحصل أقله من جهته. ويومها، صودف أن قمهز كان موجوداً في الإجتماع، والكلام الى الجوهري، وخرج بانطباع أن السنيورة لن يشارك بأي قرش فقال حينها: لماذا نقاتل إذاً؟ يتابع الجوهري: قال لي حينها لا يمكننا أن نتابع بإمكانات بسيطة. فأجبته: «لا يكلف الله نفساً إلا وسعها».

 

 

 

إنسحب قمهز الذي لم يستطع أن يتحمل الترهيب و»قلة المال» لمتابعة ترشحه. ومشيك، فعل فعله أيضا، إستجابة لعشيرته وترهيب تعرض له. في كل حال، بغض النظر عن ضعف البعض، فإن الجوهري يعتبر أن إمكانية إحداث الخرق كبيرة ويقول «سنربح أقله 2,6. ذاهبون الى إحداث ثلاثة خروقات في عشرة مقاعد. وأينما وجدنا نُستقبل بالرز والرياحين ولن نخاف». لكن، ماذا عن الناخبين الذين قد يخافون الإقتراع لغير قوى الأمر الواقع؟ يجيب الجوهري «أرى أن الخوف قد يكون عاملاً مساعداً، فيتمكن الناخب من التعبير والتغيير وراء الستارة».

 

ترشّح…انسحب… عاد

 

فلننتقل الى الجنوب. حسن أحمد خليل، المرشح عن دائرة الجنوب الثانية – صور والزهراني- ترشح، تراجع، ثم عاد. هو قال يوم تراجع مرحلياً: لن أستمرّ في التنافس الإنتخابي في ظلّ هيمنة الإرهاب والترهيب».

 

ماذا عنه اليوم؟ يجيب خليل: «أنا في قلب المعركة ولن أترك الساحة». ويستطرد «أنا سميت ما حصل معي ترهيباً. نتعرض للقمع. نريد أن نزور الناس. نحاول إقامة مهرجانات إنتخابية فيعتذر منا صاحب القاعة. وأعتقد أن الأمور ستتأزم أكثر كلما اقتربنا أكثر من الإنتخابات. في كل حال، هناك إشارات سلبية لدي في أن الإنتخابات لن تحصل، وذلك وفق جملة معطيات بينها: فشل صندوق النقد، ليس لأنه لا يريد هو بل لأن السياسيين في لبنان لم يقرروا. البنك الدولي تراجع بدوره عن القرض بتمويل الكهرباء. والتمويل الفرنسي للنقل المشترك أيضا توقف. كل تلك الإشارات في ظلّ الصمت المطبق من الثالوث: نجيب ميقاتي ونبيه بري ورياض سلامة. بالإضافة الى تصاعد الخروقات الأمنية من طرابلس الى الجنوب مروراً ببيروت، كل تلك المشهدية تجعلني أتوقع إنفجاراً ما في لحظة ما. في المقابل الكل يتصرف على أن الإنتخابات حاصلة لكن حدسي يُنبئني بالعكس».

 

هل حدس حسن خليل يصيب عادة؟ يجيب «هذا ما يحصل عادة منذ ثلاثين عاماً».

 

مقلق هو حدس حسن خليل وهو الذي توجه الى اللبنانيين، الى العقلاء، بقوله: ليس من ضمانة ألّا تعمّ الفوضى والسرقات ويسود الفلتان وانهيار الأمن والقانون، إلا الجيش اللبناني. ويستطرد بالقول: «مشكلتنا ان لا أحد يسأل: ماذا بعد الإنتخابات إذا حصلت وماذا في حال لم تحصل؟ الإجابة أنه في الحالتين لن يكون هناك شيء. لا مال في الدولة. لكن لا أحد يريد أن يفكر في سيناريو بديل».

 

بناء الدولة… صدق وإخلاص وشراكة

 

 

بعيداً قليلا عن الحدس، حسن خليل ممنوع عليه إقامة المهرجانات الإنتخابية في «الجنوب الثانية» لكنه لا يخاف ولن يخاف وسيقيم مهرجاناً قريباً جداً في أرض خاصة. هو الحلّ البديل الذي وجده في دولة لا تبالي بحلول بديلة ولا بسيناريوات تنشل البلاد والعباد من السواد القاتم القاحل ومن براثن الترهيب الذي يسود.

 

مشيك يشرب الآن القهوة مع أهل عشيرته. أما قمهز فقد يكون خرج اليوم من المستشفى. وبين الخوف والإصرار 15 أيار على مرمى حجر.