الكسر لن يُفيد مع برّي في موضوع البيطار بدليل ترشيحه زعيتر وخليل
أثمرت الاتصالات التي أجراها رئيس الحكومة نجيب ميقاتي مع رئيسي الجمهورية والمجلس النيابي وبعض القوى الاخرى، عن موافقة «حركة امل وحزب الله» على المشاركة في جلسات مجلس الوزراء المخصصة لمناقشة مشروع الموازنة العامة وخطة التعافي الاقتصادي، ما يعني انه بات بإستطاعة ميقاتي الدعوة إلى جلسات للمجلس فور تسلمه من وزير المال يوسف خليل مشروع الموازنة. وبناء عليه رجحت المعلومات انعقاد اولى جلسات الموزانة منتصف الاسبوع المقبل بعدما يكون قد تسلمها رئيس الحكومة هذا الاسبوع، ليتم توزيعها على الوزراء قبل 48 ساعة من الجلسة ليتسنى لهم قراءتها حسب العرف السائد. ولعل هذا هو السبب في مسارعة ميقاتي الى الترحيب بموقف الثنائي والاعلان عن توجيه الدعوة لعقد الجلسات فور تسلمه الموازنة من وزارة المال.
وثمة من رأى ان جلسات الموازنة قد تناقش وتقر مواضيع ملحة اخرى مثل المساعدات الاجتماعية المالية المقررة للموظفين. لكن موقف الثنائي الذي جاء في بيان رسمي صدرعنه مساء السبت الماضي، حمل نوعاً من «ربط النزاع» مع ميقاتي ومن يقف وراء عدم تنفيذ مطالبة الحزب والحركة بتنحية المحقق العدلي في إنفجار مرفأ بيروت القاضي طارق بيطار. ذلك انهما ربطا العودة الى طاولة مجلس الوزراء فقط «من أجل إقرار الموازنة العامة للدولة ومناقشة خطة التعافي الاقتصادي، استجابة لحاجات المواطنين الشرفاء وتلبية لنداء القطاعات الاقتصادية والمهنية والنقابية»، حسبما جاء في البيان. لكن بقيت امور اخرى عالقة ابرزها استمرار الموقف من القاضي بيطار وربما بمواقف رئيس الحكومة من الحملات القائمة بين حزب الله والمملكة السعودية.
كما عبّر البيان الصادر عن الحركة والحزب عن استمرار ربط النزاع على خلفية الموقف من البيطار، بقولهما في البيان: «أنّنا ازاء الخطوات غير الدستورية التي اعتمدها المحقق العدلي في قضية تفجير مرفأ بيروت والمخالفات القانونية الفادحة، والاستنسابية، والتسييس المفضوح وغياب العدالة وعدم احترام وحدة المعايير، وبعد اعاقة كل المحاولات القانونية والسياسية والشعبية لدفع المحقق العدلي ومن يقف خلفه إلى العودة إلى الأصول القانونية المتبعة، وجدنا ان تعليق مشاركتنا في مجلس الوزراء هو خطوة سياسية ودستورية، تهدف الى دفع السلطات التنفيذية المعنية إلى إيلاء هذا الموضوع عناية قصوى، إنصافا للمظلومين ودفعا للشبهات وإحقاقا للحق».
وأكّدت الحركة والحزب، «الاستمرار في مواصلة العمل من آجل تصحيح المسار القضائي وتحقيق العدالة والانصاف، ومنع الظلم والتجني، ورفض التسييس والاستنساب المغرض»، مطالبَين السلطة التنفيذية بـ«التحرك لازالة الموانع التي تعيق تشكيل لجنة تحقيق برلمانية، وفق ما يفرضه الدستور، ومعالجة الاعراض والظواهر غير القانونية التي تتعارض مع احكامه ونصوصه الواضحة، وابعاد هذا الملف الانساني والوطني عن السياسة والمصالح السياسية».
وسبق ان عبر نائب الامين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم يوم السبت عن الموقف ذاته بقوله: «ان المحقق العدلي البيطار ومن وراءه هم السبب المباشر وراء تعطيل المؤسسات الدستورية في لبنان، وذلك بمصادرة صلاحيات المجلس النيابي فأداء هذا المحقق أساء كثيرا إلى القضاء الذي يتخبط ويعيش أسوأ أيامه، هل يعقل أن يبقى قاضٍ في منصبه وعليه واحد وعشرين دعوة تنحية وأحدث هذه البلبلة في الجسم القضائي والبلد، ولا تقدم في التحقيق، إلى درجة أننا أصبحنا أمام أزمة تحقيق الحقيقة؟».
اضاف الشيخ قاسم: تريدون الحل: الحل يبدأ بتفكيك الملفات، والبداية من القضاء الذي تجاوز صلاحياته، ويجب إعادة محاكمة الرؤساء والوزراء إلى المجلس النيابي عندها تحل العقد تباعا ونتعاون جميعا في هذا الاتجاه».
لكن بعض المؤشرات حملت مؤخراً نوعاً من ربط النزاع أيضاً قرره رئيس المجلس نبيه بري، بمواصلة الموقف من تنحية القاضي بيطار، وذلك بترشيحه كلّاً من النائبين غازي زعيتر عن المقعد الشيعي المخصص لحركة «امل» في دائرة بعلبك- الهرمل، وترشيح النائب علي حسن خليل عن المقعد الشيعي المخصص للحركة في دائرة الجنوب الثالثة (النبطية – بنت جبيل- مرجعيون – حاصبيا)، وفي هذا نوع من التمسك بموقفه من التحقيقات في إنفجار مرفأ بيروت واداء القاضي بيطار، وحيث ذكرت مصادرمسؤولة مطلعة على موقف قيادة الحركة «ان الرئيس بري لا يمكن ان ينحني بالتحدي والكسر، واذا كان هناك تفكير لدى الحركة بتغيير بعض المرشحين وربما كان من بينهم النائب زعيتر، فإن قرار بّري بترشيحه مع حسن خليل دليل على انه لن ينكسر امام اصرار البيطار ومن وراءه ويدعمه على رفع الحصانة النيابية عنهما وتحويلهما للمحكمة بصفة متهمين لا شهود».
إزاء هذه المؤشرات، قد يكون ربط النزاع إنتقل الى الرئيس ميقاتي وسواه من المعنيين بملف التحقيقات، عبر الضغط عليهم بالموضوع الحكومي وجلسات مجلس الوزراء لإيجاد حل لتنحية بيطار.
وموضوع الحكومة ينسحب على امور اخرى موضع نزاع، ما يعني ان الكباش السياسي مستمر، وربما يزداد مع اقتراب المعارك الانتخابية ما لم تحصل تسويات اللحظات الاخيرة.