اصبح «التيار الحر» مشتبها رئيسيا في تعطيل جلسات مجلس الوزراء بعدما قرر عن سابق تصور وتصميم ودون العودة الى حلفائه عدم تمرير مشروع تفعيل البرلمان لمجلس محاكمة الوزراء والنواب لو تم ادراجه في الجلسة الاخيرة لمجلس النواب، رغم ما يعنيه من كف يد القاضي طارق البيطار عن ملاحقتهم، وبالتالي انتفاء الاسباب الموجبة لامتناع الثنائي الشيعي عن حضور جلسات مجلس الوزراء وعودته بالتالي الى الانعقاد… قد تجد تعليقا مقتضبا من حزب الله على اداء الوطني الحر مفاده «كل واحد حر برأيه»… ولكن في مقابل الحرية التي يمنحها الحزب للتيار وهي بالمناسبة تعبير واضح عن استيائه من طريقة مقاربة الاخير لملف تنحية البيطار، يمنح الحزب الحرية ذاتها لنفسه ول «حركة امل» بالتأكيد على ان هذا الثنائي باق على قراره بمقاطعة اي جلسة للحكومة مهما كان ثمن ذلك وحتى لو كان «استقالة الحكومة»، او استمرار عدم انعقاد جلسات مجلس الوزراء.
اذا، الرسالة هنا واضحة جدا ولا يمكن تأويلها او تفسيرها بغير معناها الحقيقي، وهو عودة كل الاطراف الى الاحتكام الى الدستور، على اعتبار ان ما يطلبه ثنائي «امل-حزب الله» وفقا لاحد قيادييه البارزين هو تطبيق الدستور فقط وتحديد الصلاحيات للمحقق العدلي، مع تشديد القيادي على تذييل طلب الثنائي بموقف فريقه الثابت منذ بداية الازمة « فليطبق الدستور والا ما في شي بيمشي».
وعلى هذا الحال، فان الثنائي كشف كل اوراقه، حدد الاولويات وخريطة الحل لازمة عدم انعقاد جلسات مجلس الوزراء، راميا كرة التعطيل بطريقة او باخرى في وجه رئيس الجمهورية وفريقه السياسي الذين عطلا حتى اللحظة وفقا لكل المعطيات المتوفرة كل مساعي الحل، ليس خوفا بطبيعة الحال على القضاء اللبناني الذي يحرص الثنائي وفقا لتأكيدات القيادي ذاته على استقلاليته، مؤكدا هنا ان مطلبه بكف يد البيطار يصب في خانة هذه الاستقلالية وهو في صلب الدستور، ولكن لغايات في نفس رئيس التيار الحر جبران باسيل اصر القيادي على نكرانها او معرفته بها، او على الاقل تهرب من الاجابة بالقول «الموضوع مش عنا، وكل واحد حر برأيه».
وفيما يبدو ان الثنائي وتحديدا حزب الله يحاول الابقاء على شعرة معاوية مع التيار الحر رغم الملاحظات الكثيرة على ادائه، ينتظر في المقابل نجاح مساعي رئيسي الجمهورية والحكومة ووزير العدل في ايجاد الحل المناسب لهذه الازمة و»تصحيح المسار القضائي» حتى لا يكون الثمن في مرحلة ما «استقالة الحكومة» او استمرار تعثر انعقاد جلسات مجلس الوزراء.
وما تجنب القيادي قوله بطريقة مباشرة، هو ان ميقاتي يبدو رابحا اكبر جراء عدم حل الازمة الحكومية لا سيما وان حكومته باتت مقيدة بشروط «فرنسية-سعودية»، وان ميقاتي اسر لمقربين منه انه لا «يمكنه تحمل دعسة ناقصة اخرى مع السعودية»، لا سيما وان مفاعيل الوساطة التي قادها الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون بدأت بالاتصال الهاتفي الذي تلقاه من ولي العهد محمد بن سلمان، وهو ما اعتبره ميقاتي اعترافا بحكومته، ولن تنتهي بعودة السفراء.
وتأكيدا لاستمرار الثنائي الشيعي وتحديدا حزب الله باعتماد سياسة الصمت على التسوية «الفرنسية-السعودية» والبيان المشترك الصادر عن لقاء الجانبين، وما سبقها من استقالة لوزير الاعلام جورج قرداحي، اكتفى القيادي بالتعليق على هذا الموضوع بالقول «مش مشكلتنا».