Site icon IMLebanon

الموازنة “شِغِل” مين؟

 

إن أغمضت عينيك وأصخت إلى وزير العمل الملتحي مصطفى بيرم، متكلماً بانفعال، عارضاً ما جرى في جلسة “بدنا نتحمّل بعض” تظن- وليس في هذا الظن إثم- أن الدكتور ناصر قنديل بُعث من جديد. الجملة الطويلة نفسها، الإيقاع نفسه، نبرة الصوت نفسها بين صاحب المعالي المحسوب قلباً وقالباً على “حزبُ الله” وبين تلميذ ليون تروتسكي النجيب.

 

قال بيرم لقناة “المنار” إنه فتح “لابتوبه” في جلسة الخميس، نقر على الصفحة المخصصة للموازنة فما ظهرت، ولا كان بين يديه نص الموازنة الورقي. لا مرئية ولا مكتوبة بالكاد كانت مسموعة!

 

ويقول الوزير محمد وسام المرتضى (وزير الثقافة) إن جلسة مجلس الوزراء رُفعت بعد طرح موضوع التعيينات في وقت كان فيه مشروع الموازنة لا يزال قيد البحث، وانه وزملاء له كانوا ينتظرون بعض التعديلات والأرقام فلم يتسلّموا شيئاً، وإن مجلس الوزراء لم يختم نقاشه في مشروع الموازنة ولم يصوّت عليه ولم يصدر اي قرار بالموافقة أو الرفض…”.

 

أما وزير الأشغال علي حميه فقال لـ”المنار” إن لديه ملاحظات على خمسين مادة من أصل 138 لم تقرأ بصيغتها النهائية لتصديقها مادة مادة، و”تنامى” إليه أنه تمت إضافة مواد من دون مناقشتها في مجلس الوزراء. وتولى النائب حسن فضل الله، مشكوراً، صب الزيت المحروق على نار الموازنة.

 

ما يجدر التوقف عنده أن واضع الموازنة هو وزير المال يوسف خليل المحسوب على الثنائي الوطني ش. م. ل (الشيعي سابقاً) ويُفترض أن يكون موضع ثقة أولياء أمره وزملائه. لو تصدى هكتور لعملية تهريب الموازنة وضرب يده على الطاولة بشكل “فاروطي”، أو أطلق الأخوان الروم في حكومة ميقاتي النار على الموازنة أو سقطت بصاروخ أرض أرض أرمني أو ووجهت بحائط صد درزي لبدا كل ذلك طبيعياً، في بلد يحكمه مجلس ملّي طابش لمصلحة ثنائي “حزبُ الله” و”حركة أمل”، الساعي للظهور بمظهر المدافع عن الناس في وجه غول الرسوم الآتية وعن حقوق الطائفة الشيعية في الإدارة والمؤسسات.

 

في هذا الإطار، لا يضير “الثنائي” بشيء أن يطلع نجيب ميقاتي، دام ظلّه، بسواد الوجه وأن يطلع الرئيس القوي قوياً ومستقوياً فقط على خصومه من عتاة الموارنة.

 

أظهرت جلسة “بدنا نتحمّل بعض” أن وضع الحكم “ما بقا ينحمل”، كما أظهرت تالياً حاجة لبنان إلى آلية حكم جديدة، تؤمن مصالح اللبنانيين وتؤهلهم لإدارة بلادهم بكفاءة وتجرّد. وبحسب التجارب السابقة أميل شخصياً إلى صيغة مستخلصة من تجربتي داود باشا وأوغست هنري بونصو، ألف رحمة عليهما. أسهل على اللبنانيين التعاطي مع إنتداب صريح يؤدي إلى استقلال بدل استقلال يؤدي حتماً إلى انتداب مقنّع.